مشائخنا رحمهمالله وهو أن الله سبحانه لم ينزل السكينة قط على نبيه صلىاللهعليهوآله في موطن كان معه فيه أحد من أهل الايمان إلا عمهم بنزول السكينة وشملهم بها ، بذلك جاء القرآن قال الله سبحانه : « ويوم حنين إذ أعجبتكم كثر تكم فلن تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين(١)» ولمالم يكن مع النبي صلىاللهعليهوآله في الغار إلا أبوبكر أفرد الله سبحانه نبيه بالسكينة دونه ، وخصه بها ولم يشركه معه ، فقال عزاسمه : « فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها(٢) » فلو كان الرجل مؤمنا لجرى مجرى المؤمنين في عموم السكينة لهم ، ولولا أنه أحدث بحزنه في الغار منكرا لاجله توجه النهي إليه عن استدامته لماحرمه الله تعالى من السكينة ما تفضل به على غيره من المؤمنين الذين كانوا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله في المواطن الاخر على ماجاء في القرآن ونطق به محكم الذكر بالبيان ، (٣) وهذا بين لمن تأمله.
قال الشيخ أيده الله : وقد حير هذا الكلام جماعة من الناصبة وضيق صدورهم فتشعبوا واختلفوا في الحيلة في التخلص منه ، (٤) فما اعتمد منهم أحد إلا على مايدل على ضعف عقله وسخف رأيه وضلاله عن الطريق ، فقال قوم منهم : إن السكينة إنما نزلت على أبي بكر واعتلوا في ذلك بأنه كان خائفا رعبا ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله كان آمنا مطمئنا ، قالوا : والآمن غني عن السكينة ، وإنما يحتاج إليها الخائف الوجل.
قال الشيخ أيده الله : فيقال لهم : قد جنيتم بجهلكم على أنفسكم بطعنكم في كتاب الله بهذا الضعيف الواهي من استدلالكم ، (٥) وذلك أنه لوكان ما اعتللتم به
__________________
(١) التوبة : ٢٥ ٢٦.
(٢) التوبة : ٤١.
(٣) كقوله سبحانه في سورة الفتح : ( هو الذى انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانامع إيمانهم ) وكقوله : ( لقدرضى الله عن المؤمنين إذيبا يعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل الله السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ).
(٤) في المصدر : للتخلص منه.
(٥) في المصدر : جنيتم على انفسكم وطعنتم على كتاب الله عزوجل بهذا الضعيف الواهى من استدلالكم.