إليه في وصف القديم بالارادة ، وافرق بين الخبر عن الارادة ههنا والخبر عن الارادة في قوله سبحانه : « يريد الله ليبين لكم » (١) وقوله : « يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر » (٢) إذ لو جرت مجرى واحدا لم يكن لتخصيص أهل البيت بها معنى ، إذ الارادة التي يقتضي الخبر والبيان يعم الخلق كلهم على وجهها في التفسير ومعناها ، فلما خص الله تبارك وتعالى أهل البيت عليهمالسلام بإرادة إذهاب الرجس عنهم دل على ما وصفناه من وقوع إذهابه عنهم ، وذلك موجب للعصمة على ما ذكرناه ، وفي الاتفاق على ارتفاع العصمة عن الازواج دليل على بطلان مقال من زعم أنها فيهن ، مع أن من عرف شيئا من اللسان وأصله لم يرتكب هذا القول ولا توهم صحته ، وذلك أنه لا خلاف بين أهل العربية أن جمع المذكر بالميم ، وجمع المؤنث بالنون ، وأن الفصل بينهما بهاتين العلامتين ، ولا يجوز في لغة القوم وضع علامة المؤنث على المذكر ، ولا وضع علامة المذكر على المؤنث ، ولا استعملوا ذلك في الحقيقة ولا المجاز ، ولما وجدنا الله سبحانه قد بدأ في هذه الآية بخطاب النساء وأورد علامة جمعهن من النون في خطابهن فقال : ( يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ) إلى قوله : « وأطعن الله ورسوله » (٣) ثم عدل بالكلام عنهن بعد هذا الفصل إلى جمع المذكر فقال : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) فلما جاء بالميم وأسقط النون علمنا أنه لم يتوجه هذا القول إلى المذكور الاول بما بيناه من أصل العربية وحقيقتها ، ثم رجع بعد ذلك إلى الازواج فقال : « واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا » (٤) فدل بذلك على إفراد من ذكرناه من آل محمد عليهمالسلام بما علقه عليهم من حكم الطهارة الموجبة للعصمة وجليل الفضيلة ، وليس يمكنكم معشر المخالفين أن تدعوا أنه كان في الازواج مذكورا رجل غير النساء ، أو ذكر ليس برجل ، فيصح التعلق منكم بتغليب المذكر على المؤنث إذ كان في الجمع ذكر ، وإذا لم يمكن ادعاء ذلك وبطل أن يتوجه إلى
__________________
(١) النساء : ٢٦.
(٢) البقرة : ١٨٥.
(٣) الاحزاب : ٣٢ و ٣٣
(٤) الاحزاب : ٣٤.