بالله سبحانه لينفذن خالدا وأصحابه ليصلوا بالحرب دليل على شجاعته في نفسه.
وشئ آخر : وهوأن أبابكر قال هذا القول عند غضبه لمباينة القوم له ، ولاخلاف بين ذوي العقول أن الغضبان يعتريه(١) عند غضبه من هيجان الطباع مايفسد عليه رأيه حتى يقدم من القول على مالايفي به عند سكون نفسه ، ويعمل من الاعمال مايندم عليه عند زوال الغضب عنه ، ولايكون وقوع ذلك منه دليلا على فساد عقله ، (٢) ووجوب إخراجه عن جملة أهل التدبير ، وقد صرح بذلك الرجل في خطبته المشهورة عنه التي لايختلف اثنان فيها ، وأصحابه خاصة يصولون بها ، (٣) ويجعلونها من مفاخره ، حيث يقول : « إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج من الدنيا وليس أحديطالبه بضربة سوط فما فوتها وكان صلىاللهعليهوآله معصوما من الخطأ ، يأتيه الملائكة بالوحي ، فلاتكلفوني ماكنتم تكلفونه فإن لي شيطانا يعتريني عند غضبي ، فإذا رأيتموني مغضبا فاجتنبوني ، لا اوثر في أشعاركم وأبشاركم » فقد أعذر هذا الرجل إلى القوم فيما يأتيه عند غضبه(٤) من قول وفعل ، ودلهم على الحال فيه ، فلذلك أمن من نكير المهاجرين والانصار عليه مقاله عند غضبه مع إحاطة العلم منهم بمالحقه في الحال من خلاف المخالفين عليه حتى بعثه على ذلك المقال. فلم يأت بشئ.(٥)
١٤ ـ قال الشيخ أدام الله حراسته : كان يختلف إلي حدث من أولاد الانصار يتعلم الكلام فقال لي يوما : اجتمعت البارحة مع الطبراني شيخ من الزيدية فقال لي : أنتم يامعشر الامامية حنبلية وأنتم تستهزؤون بالحنبلية! فقلت له : وكيف ذلك؟ فقال لان الحنبلية تعتمد على المنامات وأنتم كذلك ، والحنبلية تدعي المعجز لاكابرها و أنتم كذلك ، والحنبلية ترى زيارة القبور والاعتكاف عندها وأنتم كذلك ، فلم يكن عندي جواب أرتضيه ، فما الجواب؟
__________________
(١) في المصدر : إن الغضبان قد يعتريه.
(٢) في المصدر : ولايكون في وقوع ذلك دليل على فساد عقله.
(٣) في المصدر : يقولون بها.
(٤) في المصدر : فقد أعذر هذا الرجل إلى القوم وأنذرهم فيما يأتيه عند غضبه.
(٥) الفصول المختارة ١ : ٧٨ ـ ٨١.