ديرك هذا وقبل أن تسكنه قال لقد رأيت مالا احصي(١) من العجائب وأقبلت ما لا احصي من الخلق.(٢)
قال : فحد ثنا بعض ما تذكره قال : نعم كنت أخرج بين الليالي إلى غدير كان في سفح الجبل أتوضؤ منه وأتزود من الماء ما أصعد به معي إلى ديري ، وكنت أستريح إلى النزول فيه بين العشائين فأنا عنده ذات ليلة فإذا أنا برجل قد اقبل فسلم فرددت عليهالسلام فقال : هل مربك قوم معهم غنم وراعي أوحسستهم؟(٣) قلت : لا قال : إن قوما من العرب مروا بغنم فيها مملوك لي يرعاها فاستاقوا(٤) وذهبوا بالعبد قلت : ومن أنت؟ قال : أنا رجل من بني إسرائيل(٥) قال فما دينك؟ قلت : أنت فما دينك؟ قال : ديني اليهودية قلت : وأنا ديني النصرانية فأعرضت عنه بوجهي
قال لي : مالك فإنكم أنتم ركبتم الخطاء ودخلتم فيه وتركتم الصواب ، ولم يزل يحاورني فقلت له هل لك أن نرفع أيدينا ونبتهل فأينا كان على الباطل دعونا الله أن ينزل عليه نارا تحرقه من السماء؟ فرفعنا أيدينا فما استتم الكلام حتى نظرت إليه يلتهت نارا وما تحته من الارض ، فلم ألبث أن أقبل رجل فسلم فرددت عليهالسلام فقال : هل رأيت رجلا من صفته كيت وكيت؟ قلت نعم وحدثته قال : كذبت ، و لكنك قتلت أخي يا عدوالله وكان مسلما فجعل يسبني فجعلت أرده عن نفسي بالحجارة ، وأقبل يشتمني ويشتم المسيح ومن هو على دين المسيح فبينا هو كذلك إذا نظرت إليه يحترق ، وقد أخذته النار التي أخذت أخاه ، ثم هوت به النار في الارض ، فبينما أنا كذلك قائما أتعجب إذ أقبل رجل ثالث فسلم فرددت عليهالسلام
__________________
(١) في نسخة : مالا يحصى.
(٢) في نسخة : ولقيت مالايحصى « احصى خ ل » من الخلق ، وفى المصدر : وأفنيت مالا احصى
من الخلق ، ولعله مصحف.
(٣) في المصدر : هل مربك قوم معهم غنم وراع أحسستهم؟
(٤) استاق الماشية : حثها على السير من خلف عكس قادها وفى النسخة المقروءة على المصنف : فاستاقوها وفى اخرى : فاشتاقوا.
(٥) اضاف في المصدر : فمن أنت قلت : أنا رجل من بنى اسرائيل.