قال : فحضرته الوفاة فدعيت إليه فقلت له : ماكان سبب مرضك ولم أعلم به؟ قال : إني ذكرت خطيئة كنت قارفتها في حداثتي فغشي علي ثم أفقت ثم ذكرت خطيئة اخرى فغشي علي وأورثني ذلك مرضا فلست أدري ما حالى ، ثم قال لي : فإن لقيت محمدا صلىاللهعليهوآله نبي الرحمة فاقرأه مني السلام ، وإن لم تلقه ولقيت وصيه فاقرأه مني السلام وهي حاجتي إليك ووصيتي. قال الديراني : وإني مودعكم إلى وصي محمد صلىاللهعليهوآله مني ومن صاحبي السلام.
قال سهل بن حنيف : فلما رجعنا إلى المدينة لقيت عليا عليهالسلام فأخبرته خبر الديراني وخبر خالد وما أودعنا إليه الديراني من السلام منه ومن صاحبه قال : فسمعته يقول : وعليهما وعلى من مثلهما السلام ، وعليك يا سهل بن حنيف السلام ، ومارأيته اكترث بما أخبرته من خالد بن الوليد وما قال ، وما رد علي فيه شيئا غير أنه قال : ياسهل بن حنيف : إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلىاللهعليهوآله فلم يبق في الارض شئ إلا علم أنه رسول الله إلا شقي الثقلين وعصاتهما.
قال سهل : وما في الارض من شئ فاخره إلاشقي الثقلين وعصاتهما ، قال سهل : فعبرنا زمانا(١) ونسيت ذلك ، فلما كان من أمر علي عليهالسلام ماكان توجهنا معه فلما رجعنا من صفين نزلنا أرضا قفرا ليس بها ماء فشكونا ذلك إلى علي عليهالسلام فانطلق يمشي على قدميه حتى انتهينا إلى موضع كان يعرفه(٢) فقال : احفروا ههنا فحفرنا فاذا بصخرة صماء عظيمة قال : اقلعوها ، قال : فجهدنا أن نقلعها فما استطعنا
قال : فتبسم أميرالمؤمنين صلوات الله عليه من عجزنا عنها ، ثم أهوى إليها بيديه جميعا ، كأنما كانت في يده كرة ، فإذا تحتها عين بيضاء كأنها من شدة بياضها اللجين المجلو فقال دونكم فاشربوا واسقوا وتزودوا ثم آذنوني بها. قال ففعلنا ثم أتيناه فأقبل يمشي إليها بغير رداء ولاحذاء ، فتناول الصخرة بيده ، ثم دحى بها في فم العين
__________________
(١) في المصدر : وما في الارض من شئ ذى حسرة الا أشقى الثقلين وعصاتهما ، قال سهل : فعمرنا زمانا اه.
(٢) في المصدر : كانه يعرفه.