فهلكوا « مطرا » أي نوعا من المطر عجيبا ، أي حجارة من سجيل ; قيل : خسف بالمقيمين منهم وامطرت الحجارة على مسافريهم. (١)
وقال الطبرسى رحمهالله : « سئ بهم » أى ساءه مجيئهم لانه خاف عليهم من قومه « وضاق بهم ذرعا » أى ضاق بمجيئهم ذرعه ، أى قلبه ، لما رأى لهم من حسن الصورة وقد دعوه إلى الضيافة ، وقومه كانوا يسارعون إلى أمثالهم بالفاحشة ; وقيل : ضاق بحفظهم من قومه ذرعه حيث لم يجد سبيلا إلى حفظهم وقد أتوه في صورة الغلمان المرد ، وأصله أن الشئ إذا ضاق ذرعه لم يتسع له مااتسع ، فاستعير ضيق الذرع عند تعذر الامكان « يوم عصيب » أى شديد ، من عصبه : إذا شده « يهرعون إليه » أي يسرعون في المشي لطلب الفاحشة ؛ وقيل : أي يساقون وليس هناك سائق غيرهم ، فكأن بعضهم يسوق بعضا « ومن قبل » أي قبل إتيان الملائكة ، أو قبل مجئ قوم لوط إلى ضيفانه ، أو قبل بعثة لوط إليهم « كانوا يعملون السيئات » أي الفواحش مع الذكور « ولا تخزون في ضيفي » أي لا تلزموني عارا و فضيحة ولا تخجلوني بالهجوم على أضيافي « أليس منكم رجل رشيد » قد أصاب الرشد فيعمل بالمعروف وينهى عن المنكر ، أو مرشد يرشد كم إلى الحق « لو أن لي بكم قوة » أي منعة وقدرة وجماعة أتقوى بهم عليكم « أو آوي إلى ركن شديد » أي أنضم إلى عشيرة منيعة ؛ قال قتادة : ذكر لنا أن الله تعالى لم يبعث نبيا بعد لوط إلا في عز من عشيرته ومنعة من قومه « ولا يلتفت منكم أحد » أي لا ينظر أحد منكم وراءه أو لا يلتفت أحد منكم إلى ماله ولا متاعه بالمدينة ، أولا يتخلف أحد ، وقيل : أمرهم أن لا يلتفتوا إذا سمعوا الرجفة والهدة. « إن امرأتك » قيل : إنها التفتت حين سمعت الرجفة وقالت : يا قوماه ، أفصابها حجر فقتلتها ; وقيل : إلا امرأتك لا تسر بها « عند ربك » أي في علمه أوخزائنة التى لا يتصرف فيها أحد إلا بأمره « وما هي من الظالمين ببعيد » أي وما تلك الحجارة من الظالمين من أمتك يا محمد ببعيد ; وقيل : يعنى بذلك قوم لوط وذكر أن حجرا بقي معلقا بين السماء والارض أربعين يوما يتوقع به من رجل من قوم لوط كان في الحرم حتى خرج منه
__________________
(١) انوار التنزيل ١ : ١٦٨. م