حصينا ، وهو أكبرمن السد « زبر الحديد » أي قطعه « بين الصدفين » أي بين جانبي الجبلين بتنضيدها « قال انفخوا » أي قال للعملة : انفخوا في الاكوار والحديد « حتى إذا جعله » أي جعل المنفوخ فيه « نارا » أي كالنار بالاحماء « قال آتوني افرغ عليه قطرا » أي آتوني قطرا ، أي نحاسا مذابا أفرغ عليه قطرا ، فحذف الاول لدلالة الثاني عليه « فما اسطاعوا » بحذف التاء حذرا من تلاقي متقاربين « أن يظهروه » أي أن يعلوه بالصعود لارتفاعه وانملاسه « وما استطاعوا له نقبا » لثخنه وصلابته ; قيل : حفر للاساس حتى بلغ الماء ، وجعله من الصخرة والنحاس المذاب والبنيان من زبر الحديد بينهما الحطب والفحم حتى ساوى أعلى الجبلين ثم وضع المنافخ حتى صارت كالنار فصب النحاس المذاب عليها ، فاختلط والتصق بعضها ببعض وصار جبلا صلدا ; وقيل : بناه من الصخور مرتبطا بعضها ببعض بكلاليب من حديد ونحاس مذاب في تجاويفها « قال هذا » السد أو الاقدار على تسويته « رحمة من ربي » على عباده « فإذا جاء وعد ربي » وقت وعده بخروج يأجوج ومأجوج ، أو بقيام الساعة بأن شارف يوم القيامة « جلعه دكاء » مدكو كا مسويا بالارض. (١)
وقال : الطبرسي رحمهالله : قيل : إن هذا السد وراء بحر الروم بين جبلين هناك يلي مؤخرهما البحر المحيط ، وقيل : إنه وراء دربند وخزران من ناحية أرمنية وآذربيجان ، وقيل : إن مقدار ارتفاع السد مائتا ذراع ، وعرض الحائط نحو من خمسين ذراعا ; وجاء في الحديث : إنهم يدابون في حفره نهارهم حتى إذا أمسوا وكادوا يبصرون شعاع الشمس قالوا نرجع غدا ونفتحه ولا يستثنون فيعودون من الغد وقد استوى كما كان ، حتى إذا جاء وعدالله قالوا : غدا نفتح ونخرج إن شاء الله فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه بالامس فيخرقونه فيخرجون على الناس فينشفون المياه ، وتتحصن الناس في حصونهم منهم ، فيرمون سهامهم إلى السماء فترجع وفيها كهيئة الدماء فيقولون : قد قهرنا أهل الارض وعلونا أهل السماء ، فيبعث الله عليهم نغفا (٢) في أقفائهم فتدخل في آذانهم فيهلكون بها ، فقال
__________________
(١) انوار التنزيل ٢ : ١١ ـ ١٢. م
(٢) قال في القاموس : النغف محركة : دود في انوف الابل والغنم ، الواحدة النغفة ; أودود أبيض يكون في النوى المنقع ; أو دود عقف ينسلخ عن الخنافس ونحوها.
وقال في النهاية : في حديث يأجوج مأجوج : « فيرسل الله عليهم النغف » هو بالتحريك : دود يكون في انوف الابل والغنم ، واحدتها نغفة. منه طاب ثراه.