فأتوا به فوضعه بين الصدفين يعني بين الجبلين حتى سوى بينهما ، ثم أمرهم أن يأتوا بالنار فأتوا بها فنفخوا تحت الحديد حتى صار (١) مثل النار ، ثم صب عليه القطر وهو الصفر حتى سده وهو قوله : « حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا » إلى قوله : « نقبا » فقال ذو القرنين : « هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء و كان وعد ربي حقا »
قال : إذا كان قبل يوم القيامة في آخر الزمان انهدم ذلك السد وخرج يأجوج و مأجوج إلى الدنيا وأكلوا الناس وهو قوله : « حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون (٢) » قال : فسار ذو القرنين إلى ناحية المغرب فكان إذا مر بقرية زأر فيها كما يزأر الاسد المغضب ، فينبعث في القرية ظلمات ورعد وبرق وصواعق يهلك من ناواه (٣) وخالفه ، فلم يبلغ مغرب الشمس حتى دان له أهل المشرق والمغرب ، فقال أميرالمؤمنين (ع) : وذلك قول الله عزوجل : « إنا مكنا له في الارض وآتيناه من كل شئ سببا » أي دليلا.
فقيل له : إن الله في أرضه عينا يقال لها عين الحياة لا يشرب منها ذو روح إلا لم يمت حتى الصيحة ، فدعا ذالقرنين الخضر وكان أفضل أصحابه عنده ودعا ثلاث مائة وستين رجلا ودفع إلى كل واحد منهم سمكة وقال لهم : اذهبوا إلى موضع كذا وكذا فإن هناك ثلاث مائة وستين عينا ، فليغسل كل واحد منكم سمكته في عين غير عين صاحبه فذهبوا يغسلون ، وقعد الخضر يغسل فانسابت (٤) السمكة منه في العين وبقي الخضر متعجبا مما رأى ، وقال في نفسه : ما أقول لذي القرنين؟ ثم نزع ثيابه يطلب السمكة فشرب من مائها واغتمس فيه ولم يقدر على السمكة ، فرجعوا إلى ذي القرنين فأمر ذوالقرنين بقبض السمك من أصحابه ، فلما انتهوا إلى الخضر لم يجدوا معه شيئا فدعاه وقال له : (٥)
__________________
(١) في المصدر : حتى صار الحديد. م
(٢) حدب أى نشز ، وهو كل مرتفع من الارض ، أراد من كل جانب أى من البلدان والاراضى البعيدة والغريبة. ينسلون أى يسرعون.
(٣) أى عاداه وقصد عليه.
(٤) اى مشت مسرعة.
(٥) في نسخة : فقال له.