على قلبي ، وإني لارجو أن يكون أجري على قدر ذلك وأرجو لكم من الاجر بقدر ما رزيتم به من فقد أخيكم ، وأنت توجروا على قدر ما نويتم في أمه ، وأرجو أن يغفر الله لي ولكم ويرحمني وإياكم ; فلما رأو احسن عزائها وصبرها انصرفوا عنها وتركوها ، وانطلق ذوالقرنين يسير على وجهه حتى أمعن في البلاد (١) يؤم المغرب (٢) وجنوده يومئذ المساكين.
فأوحى الله جل جلاله إليه : يا ذاالقرنين أنت حجتي على جميع الخلائق مابين الخافقين (٣) من مطلع الشمس إلى مغربها وحجتي عليهم ، وهذا تأويل رؤياك ; فقال ذوالقرنين : إلهي إنك ندبتني (٤) لامر عظيم لايقدر قدره غيرك ، فأخبرني عن هذه الامة بأية قوم أكاثرهم (٥) وبأي عدد أغلبهم؟ وبأية حيلة أكيدهم؟ وبأي صبر أقاسيهم؟ و بأي لسان أكلمهم؟ وكيف لي بأن أعرف لغاتهم؟ وبأي سمع أعي قولهم؟ وبأي بصر أنفذهم؟ (٦) وبأية حجة أخاصمهم؟ وبأي قلب أغفل عنهم؟ وبأية حكمة أدبر امورهم؟ و بأي حلم أصابرهم؟ وبأي قسط أعدل فيهم؟ (٧) وبأية معرفة أفصل بينهم؟ وبأي علم أتفن أمورهم؟ وبأي عقل احصيهم؟ وبأي جند أقاتلهم؟ فإنه ليس عندي مما ذكرت شئ ، يا رب فقوني عليهم بإنك الرب الرحيم ، لا تكلف نفسا إلا وسعها ، ولا تحملها إلا طاقتها.
فأوحى الله جل جلاله إليه : إني ساطوقك ما حملتك ، وأشرح لك صدرك فتسمع كل شئ ، وأشرح لك فهمك فتفقه كل شئ ، وأطلق لسانك بكل شئ وأحصي لك (٨) فلا يفوتك شئ ، وأحفظ عليك فلا يعزب عنك شئ ، وأشد ظهرك فلا يهو لك شئ ،
__________________
(١) أمعن الضب في حجره : غاب في أقصاه.
(٢) في المصدر : في المغرب. م
(٣) الخافقان : المشرق والمغرب.
(٤) ندب فلانا للامر او إلى الامر : دعاه ورشحه للقيام به وحثه عليه. ندبه إلى الحرب : وجهه.
(٥) في المصدر : بأى قوة اكابرهم. م
(٦) في نسخة وفى المصدر : انقذهم. م
(٧) في المصدر : بينهم. م
(٨) في المصدر : بعد قوله : بكل شئ : وأفتح لك سمعك فتهى كل شئ ، وأكشف لك عن يصرك فتبصر كل شئ ، فأحضر لك اه. م