فيكم فظ ولا غليظ؟ قالوا : من قبل الذل والتواضع ، قال : فلم جعلكم الله أطول الناس أعمارا؟ قالوا : من قبل أنا نتعاطي الحق ونحكم بالعدل ، قال : فما بالكم لا تقحطون؟ قالوا : من قبل أنا لا نغفل عن الاستغفار ، قال : فما بالكم لا تحزنون؟ قالوا : من قبل أنا وطنا أنفسنا على البلاء وحرصنا عليه فعزينا أنفسنا ، (١) قال : فما بالكم لا تصيبكم الآفات؟ قالوا : من قبل أنا لا نتوكل على غير الله ، ولا نستمطر بالانواء والنجوم. (٢)
وقال : حدثوني أيها القوم أهكذا وجدتم آباءكم يفعلون؟ قالوا : وجدنا آباءنا يرحمون مسكينهم ، ويواسون فقيرهم ، ويعفون عمن ظلمهم ، ويحسنون إلى من أساء إليهم ، ويستغفرون لمسيئهم ، ويصلون أرحامهم ، ويؤدون أماناتهم ، ويصدقون ولا يكذبون ، فأصلح الله عزوجل لهم بذلك أمرهم. فأقام عندهم ذو القرنين حتى قبض ، ولم يكن له فيهم عمر ، وكان قد بلغ السن فأدركه الكبر ، وكان عدة ما سار في البلاد من يوم بعثه الله عزوجل إلى يوم قبض خمسمائة عام. (٣)
بيان : قوله : « ما رزيتم » من الرزيئة بالهمزة بمعنى المصيبة. ويقال : أمعن الفرس أي تباعد. وفي الامر : أبعد ، والضب في حجره : غاب في أقصاها ; ذكره الفيروز آبادي. وقال : طو قني الله أدء حقه : قواني عليه. وحاش الابل : جمعها. وقال الجوهري : أجفل القوم أى هربوا مسرعين. وأجفلت الريح أي أسرعت. وانجفل القوم أي انقلعوا كلهم و مضوا انتهى. والتنافس : الرغبة في الشئ والانفراد به.
١٦ ـ ك : أحمد بن محمد البزاز ، عن محمد بن يعقوب بن يوسف ، عن أحمد بن عبد الجبار ، عن يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن بشار المديني ، (٤) عن عمرو بن
__________________
(١) في المصدر : مغريا أنفسنا. م
(٢) تقدم معنى الانواء وسائر الالفاظ الغريبة من الحديث ذيل الخبر الثانى.
(٣) كمال الدين : ٢٢١ ـ ٢٢٧. وفيه : ستمائة عام. م
(٤) في نسخة : محمد بن اسحاق بن بشار المدينى ، ويحتمل كونه تصحيف محمد بن اسحاق بن يسار المدنى.