أهل مملكته وعلماءهم وأهل دراسة الكتب وآثار النبوة فلما اجتمعوا عنده قال ذو القرنين : معشر الفقهاء وأهل الكتب وآثار النبوة هل وجدتم فيما قرأتم من كتب الله وفي كتب من كان قبلكم من الملوك أن الله عينا تدعى عين الحياة ، فيها من الله عزيمة إنه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت؟ قالوا : لا يا أيها الملك ، قال : فهل وجدتم فيما قرأتم من الكتب أن الله في الارض ظلمة لم يطأها إنس ولا جان؟ قالوا : لا أيها الملك فحزن عليه ذو القرنين حزنا شديدا وبكى إذ لم يخبر عن العين والظلمة بما يحب ، وكان فيمن حضره غلام من الغلمان من أولاد الاوصياء : أوصياء الانبياء ، وكان ساكتا لا يتكلم حتى إذا آيس ذو القرنين منهم قال له الغلام : (١) أيها الملك إنك تسأل هؤلاء عن أمر ليس لهم به علم ، وعلم ما تريد عندي ، ففرح ذو القرنين فرحا شديدا حتى نزل عن فراشه وقال له : ادن مني فدنا منه ، فقال : أخبرني ، قال : نعم أيها الملك ، إني وجدت في كتاب آدم الذي كتب يوم سمي له ما في الارض من عين أو شجر ، فوجدت فيه أن لله عينا تدعى عين الحياة ، فيها من أمرالله عزيمة ، إنه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت بظلمة لم يطأها إنس ولا جان ، ففرح ذو القرنين وقال : ادن مني يا أيها الغلام تدري أين موضعها؟ قال : نعم ، وجدت في كتاب آدم أنها على قرن الشمس ـ يعني مطلعها ـ ففرح ذو القرنين وبعث إلى أهل مملكته فجمع أشرافهم وفقهاءهم وعلماءهم و أهل الحكم منهم فاجتمع إليه ألف حكيم وعالم وفقيه ، فلما اجتمعوا عليه تهيأ للمسير وتأهب له بأعد العدة وأقوى القوة ، فسار بهم يريد مطلع الشمس يخوض البحار ويقطع الجبال والفيافي والارضين والمفاوز فسار اثني عشر سنة حتى انتهى إلى طرف الظلمة ، فإذا هي ليست بظلمة ليل ولادخان (٢) ولكنها هواء يفور سد ما بين الافقين ، (٣) فنزل بطرفها
__________________
(١) في العرائس : فقال عالم من العلماء : إنى قرأت وصية آدم عليهالسلام فوجدت فيهما أن خلق الله في الارض ظلمة لم يطأها انس ولا جان ، ووضع فيها عين الخلد ، فقال ذو القرنين : و أين وجدتها؟ قال : في الارض التى على قرن الشمس. وليس فيه جملة « وكان فيمن حضره » ولا الجمل التى يأتى بعد ذلك. والظاهر انه اختصر الحديث.
(٢) في العرائس : فاذا ظلمة تفور مثل الدخان ليست بظلمة ليل ، فعسكر هناك اه.
(٣) في نسخة : ما بين الخافقين.