ثم ذكروا في تسمية ذى القرنين بهذاالاسم وجوها : الاول : إنه لقب بهذا اللقب لاجل بلوغه قرني الشمس أي مطلعها ومغربها كما لقب أردشير بطول اليدين (١) لنفوذ أمره حيث أراده. والثاني : إن الفرس قالوا : إن دارا الاكبر كان تزوج بابنة فيلقوس ، فلما قرب منها وجد منها رائحة منكرة فردها إلى أبيها وكانت قد حملت منه بالاسكندر فولدت الاسكندر بعد عودها إلى أبيها فيلقس ، فبقي الاسكندر عند فيلقس وأظهر أنه ابنه وهو في الحقيقة ابن دارا الاكبر ، قالوا : والدليل على ذلك أن الاسكندر لما أدرك دارا بن دارا وبه رمق وضع رأسه في حجره وقال لدارا : يا أخي أخبرني عمن فعل هذا لانتقم لك منه؟ فهذا ما قاله الفرس ، قالوا : فعلى هذا التقدير فالاسكندر أبوه دارا الاكبر ، وامه بنت فيلقس ، فهذا إنما تولد من أصلين مختلفين الفرس والروم ، وهذا الذي قاله الفرس ، (٢) وإنما ذكروه لانهم أرادوا أن يجعلوه من نسل ملوك العجم حتى لا يكون ملك مثله من نسب غير نسب ملوك العجم ، و هو في الحقيقة كذب ، وإنما قال الاسكندر لدارا « يا أخي » على سبيل التواضع وأكرم دارا بذلك الخطاب.
والقول الثانى : قال أبوالريحان البيروني المنجم في كتابه الذي سماه بالآثار الباقية من القرون الخالية : قيل : إن ذا القرنين هو أبوكرب شمر (٣) بن عمير بن أفريقش الحميري ، (٤) وهو الذى بلغ ملكه مشارق الارض ومغاربها ، وهو الذي افتخر به أحد الشعراء من حمير حيث قال :
قد كان ذو القرنين قبلي مسلما |
|
ملكا علا في الارض غير معبد (٥) |
__________________
(١) في المصدر : اردشير بن بهمن. وفى نسخة : بطويل اليدين. م
(٢) ذكره الثعلبى عن بعض القدماء ، وقد تقدم وجه تسميته بالاسكندر.
(٣) في المصدر : شمس. م
(٤) قال البغدادى في المحبر ص ٣٦٥ : يقال : الصعب بن قرين بن الهمال هو ذو القرنين الذى ذكره الله في كتابه. وقال في ص ٣٩٣ : ذو القرنين هو هرمس بن ميطون بن رومى بن لنطى ابن كسلوحين بن يونان بن يافت بن نوح ; والظاهر من الثعلبى والمسعودى أن هرمس هو جد الاسكندر وقد ذكرا في نسبه اختلافا راجع العرائس ومروج الذهب.
(٥) في نسخة : غير مقيد. وفى العرائس : « ملكا تدين له الملوك وتسجد » والمصرع الثانى من البيت الاتى فيه هكذا : « اسباب أمر من حكيم مرشد ». وزاد : فرأى مغيب الشمس عند غروبها * في عين ذى خلب وثاط حرمد.