ووجه آخر : وهو أن الله لا يمتنع أن يكون أمره بكتمان أمره والصبر على مشقة العبودية امتحانا وتشديدا في التكليف ، كما امتحن أبويه إبراهيم وإسحاق أحدهما بنمرود والآخر بالذبح.
ووجه آخر : « وهو أنه يجوز أن يكون عليهالسلام قد خبرهم بأنه غير عبد وأنكر عليهم مافعلوه من استرقاقه إلا أنهم لم يسمعوا منه ولا أصغوا إلى قوله وإن لم ينقل ذلك ، فليس كل ما جرى في تلك الازمان قد اتصل بنا ».
ووجه آخر : وهو أن قوما قالوا : إنه خاف القتل فكتم أمر نبوته وصبر على العبودية ، وهذا جواب فاسد لان النبي لا يجوز أن يكتم ما ارسل به خوفا من القتل لانه يعلم أن الله تعالى لم يبعثه للاداء إلا وهو عاصم له من القتل حتى يقع الاداء ويسمع الدعوة ، وإلا كان نقضا للغرض. انتهى كلامه رحمة الله عليه. (١)
٣ ـ فس : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (ع) في قوله : « وجاءوا على قميصه بدم كذب » قال : إنهم ذبحوا جديا على قميصه ; وقال علي بن إبراهيم : ورجع إخوته وقالوا : نعمد إلى قميصه فنلطخه بالدم فنقول لابينا : إن الذئب أكله ، فلما فعلوا ذلك قال لهم لاوي : ياقوم ألسنا بني يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق نبي الله بن إبراهيم خليل الله؟ أفتظنون أن الله يكتم هذا الخبر عن أنبيائه؟ (٢) فقالوا : وما الحيلة؟ قال : نقوم ونغتسل ونصلي جماعة ونتضرع إلى الله تبارك وتعالى أن يكتم ذلك عن أبينا فإنه جواد كريم فقاموا واغتسلوا وكان في سنة إبراهيم وإسحاق ويعقوب أنهم لا يصلون جماعة حتى يبلغوا أحد عشر رجلا فيكون واحد منهم إمام عشرة يصلون خلقه ، (٣) فقالوا : كيف نصنع و ليس لنا إمام؟ فقال لاوي : نجعل الله إمامنا ، فصلوا وبكوا وتضرعوا وقالوا : يا رب اكتم علينا هذا ، ثم جاؤوا إلى أبيهم عشاء يبكون ومعهم القميص قد لطخوه بالدم « فقالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق » أي نعدو (٤) وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب إلى قوله :
__________________
(١) تنزيه الانبياء : ٤٧ ـ ٤٨. م
(٢) في نسخة : عن أبينا.
(٣) في نسخة : فيكون واحد منهم اماما وعشرة يصلون خلفه.
(٤) وقيل : أى ننتصل ونترامى. منه رحمهالله.