« على ماتصفون » ثم قال يعقوب : ما كان أشد غضب ذلك الذئب على يوسف وأشفقه على قميصه حيث أكل يوسف ولم يمزق قميصه؟! قال : فحملوا يوسف إلى مصر وباعوه من عزيز مصر ، (١) فقال العزيز « لامرأته أكرمي مثوبه » أي مكانه « عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا » ولم يكن له ولد فأكرموه وربوه ، فلما بلغ أشده هوته امرأة العزيز ، وكانت لا تنظر إلى يوسف امرأة إلا هوته ، ولا رجل إلا أحبه ، وكان وجهه مثل القمر ليلة البدر ، فراودته امرأة العزيز وهو قوله : « وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الابواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون » فما زالت تخدعه حتى كان كما قال الله تعالى : « ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه » فقامت امرأة العزيز وغلقت الابواب فلما هما (٢) رأى يوسف صورة يعقوب في ناحية البيت عاضا على إصبعه يقول : يايوسف أنت في السماء مكتوب في النبيين ، وتريد أن تكتب في الارض من الزناة؟! فعلم أنه قد أخطأ وتعدى.
وحدثني أبي ، عن بعض رجاله رفعه قال : قال أبوعبدالله : لما همت به وهم بها قامت إلى صنم في بيتها فألقت عليه ملاءة لها ، فقال له يوسف : ماتعملين؟ فقالت : القي على هذا الصنم ثوبا لايرانا فإني أستحيي منه ، فقال يوسف : أنت تستحيين من صنم لا يسمع ولا يبصر ولا أستحيي أنا من ربي؟! فوثب وعدا وعدت من خلفه وأدركهما العزيز على هذه الحالة وهو قول الله : « واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب »
__________________
(١) قال الطبرسى في قوله تعالى : « وقال الذى اشتراه من مصر » : أى من أهل مصر وكان المشترى خازن فرعون مصر وخليفته ، واسمه قطفير ، وقيل : اطفير ، وكان يلقب بالعزيز ، وباعه مالك بن زعر منه بأربعين دينارا وزوج نعل وثوبين أبيضين ، عن ابن عباس ; وقيل : تزايدوا حتى بلغ وزنه ورقا ومسكا وحريرا ، واسم امرأة العزيز راعيل ولقبها زليخا ، والملك كان إلريان بن الوليد : وقيل : لم يمت حتى آمن بيوسف ، وملك بعده قابوس من مصعب ، فدعاه يوسف إلى الاسلام فأبى ، وقال ابن عباس : العزيز ملك مصر « وراودته » أى طلبت منه أن يواقعها « وغلقت الابواب » قالوا : كانت سبعة « وقالت هيت لك » أى أقبل وبادر « انه ربي » الضمير عائد إلى زوجها فالرب بمعنى السيد انه كان مالكه ظاهرا أو إلى الرب تعالى. منه طاب ثراه.
(٢) في المصدر : فلماهم. م