دخل السجن قالوا له : ما صناعتك؟ قال : أعبر الرؤيا ، فرأى أحد الموكلين في نومه كما قال الله عزوجل : « أعصر خمرا » قال يوسف : تخرج من السجن وتصير على شراب الملك وترتفع منزلتك عنده ، وقال الآخر : « إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه » ولم يكن رأى ذلك ، فقال له يوسف : أنت يقتلك الملك ويصلبك وتأكل الطير من دماغك ، فجحد الرجل وقال : إني لم أر ذلك ، فقال يوسف كما حكى الله عزوجل : يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الامر الذي فيه تستفتيان.
فقال أبوعبدالله عليهالسلام في قوله : « إنا نراك من المحسنين » قال : كان يقوم على المريض ويلتمس المحتاج ، ويوسع على المحبوس. (١) فلما أراد من رأى في نومه أن يعصر خمرا الخروج من الحبس قال له يوسف : « اذكرني عند ربك » فكان كما قال الله عزوجل : « فأنساه الشيطان ذكر ربه ». (٢)
أخبرنا الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن عمر ، (٣) عن شعيب العقرقوفي (٤) عن أبي عبدالله (ع) قال : إن يوسف أتاه جبرئيل عليهالسلام فقال له : يا يوسف إن رب العالمين يقرؤك السلام ويقول لك : من جعلك أحسن خلقه؟ قال : فصاح ووضع خده على الارض ثم قال : أنت يا رب ، ثم قال له : ويقول لك : من حببك إلى أبيك دون إخوتك؟ قال :
__________________
(١) وقيل : أى ممن يحسن تأويل الرؤيا. منه رحمهالله.
(٢) قوله : « يأتيكما طعام ترز؟ انه » أى في المنام. قوله تعالى : « فانساه الشيطان ذكر ربه » أى أنسى الشيطان الساقى ذكر يوسف عند الملك ; وقيل : أنسى يوسف ذكر الله في تلك الحال حتى استغاث بمخلوق ، وهو مخالف للاخبار.
وقال الطبرسى رحمهالله : واختلف في البضع فقال بعضهم : مابين الثلاث إلى الخمس ، وقيل : إلى السبع ، وقيل : إلى التسع ، وأكثر المفسرين على ان البضع في الاية سبع سنين. وقال الكلبى : هذا السبع سوى الخمسة التى كانت قبل ذلك. منه رحمهالله.
(٣) في بعض النسخ : اسماعيل عمرو ، ولعله اسماعيل بن عمر بن أبان الكلبى.
(٤) في بعض النسخ : العقرقوقى وهو غلط ، والعقرقوفى بفتح العين والقاف وسكون الراء وضم القاف الثانية وسكون الواو نسبة إلى عقرقوف : قرية قديمة بالقرب من بغداد.