إذا رأيت شيئا ولا تخبرهم ، فقال : لا ، فلما جهزهم بجهازهم وأعطاهم وأحسن إليهم قال لبعض قوامه : اجعلوا هذا الصاع في رحل هذا ، وكان الصاع الذي يكيلون به من ذهب فجعلوه في رحله من حيث لم يقفوا عليه إخوته ، فلما ارتحلوا بعث إليهم يوسف وحبسهم ثم أمر مناديا ينادي : « أيتها العير إنكم لسارقون » فقال إخوة يوسف : « ماذا تفقدون * قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم » أي كفيل ، فقال إخوة (١) يوسف ليوسف : « تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الارض وما كنا سارقين (٢) قال يوسف « فما جزاؤه إن كنتم كاذبين * قالوا جزاؤه من وجد في رحله » فاحبسه (٣) « فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين * فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه » (٤) فتشبثوا بأخيه وحبسوه وهو قوله : « كذلك كدنا ليوسف » أي احتلنا له « ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم » فسئل الصادق عليهالسلام عن قوله : « أيتها العير إنكم لسارقون » قال : ماسرق وما كذب يوسف ، فإنما عنى : سرقتم يوسف (ع) من أبيه ، وقوله : « أيتها العير » معناه : يا أهل العير ، ومثله قولهم لابيهم : « وسئل القرية التي كنا فيها والعير التي اقبلنا فيها » يعني أهل القرية وأهل العير ، فلما اخرج ليوسف الصاع من رحل أخيه قال إخوته : « إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل » يعنون به يوسف فتغافل يوسف عنهم وهو قوله : « فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم وقال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون » (٥) فاجتمعوا إلى يوسف
__________________
(١) في نسخة وفى المصدر : فقالوا اخوة يوسف.
(٢) أى قد ظهر لكم من حسن سيرتنا ومعاملتنا معكم مرة بعد اخرى ماتعلمون به أنه ليس من شأننا السرقة ; وقيل : انهم قالوا ذلك لانهم رأوا البضاعة التى وجدوها في رحالهم مخافة أن يكون وضع ذلك بغير اذن يوسف ; وقيل : إنهم لما دخلوا مصر وجدوهم قد شدوا أفواده دوابهم كيلا تتناول الحرث والزرع ، كذا ذكره الطبرسى منه طاب الله ثراه.
(٣) في نسخة : احبسه.
(٤) إنما فعل ذلك لرفع التهمة. منه طاب الله ثراه.
(٥) « أنتم شر مكانا » قال الطبرسى : أى في السرق لانكم سرقتم أخاكم من أبيكم وأسر هذه المقالة في نفسه ثم جهر بقوله : « والله أعلم بما تصفون » منه طاب الله ثراه.