شعيب بن ميكيل (١) بن يشجب بن مدين بن إبراهيم ، وام ميكيل بنت لوط ، وكان يقال له خطيب الانبيا لحسن مراجعته قومه ، وهم أصحاب الايكة ; (٢) وقال قتادة : ارسل شعيب مرتين : إلى مدين مرة ، وإلى أصحاب الايكة مرة « فأوفوا الكيل والميزان » أي أدوا حقوق الناس على التمام في المعاملات « ولا تبخسوا الناس أشياءهم » أي لا تنقصوهم حقوقهم « ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها » أي لا تعملوا في الارض بالمعاصي واستحلال المحارم بعد أن أصلحها الله بالامر والنهي وبعثة الانبياء ; وقيل : لا تفسدوا بأن لا تؤمنوا فيهلك الله الحرث والنسل « ولا تقعدوا » فيه أقوال : أحدها أنهم كانوا يقعدون على طريق من قصد شعيبا للايمان به فيخوفونه بالقتل. وثانيها : أنهم كانوا يقطعون الطريق فنهاهم عنه. وثالثها : أن المراد : لا تقعدوا بكل طريق من طرق الدين فتطلبون له العوج بإيراد الشبهة « وتصدون عن سبيل الله » أي تمنعون عن دين الله « من آمن به » أي من أراد الايمان « وتبغونها » أي السبيل « عوجا » بأن تقولوا : هو باطل « فكثركم » أي كثر عددكم ، قال ابن عباس : وذلك أن مدين بن إبراهيم تزوج بنت لوط فولدت حتى كثر أولادها ; وقيل : جعلكم أغنياء بعد أن كنتم فقراء « عاقبة المفسدين » أي فكروا في عواقب أمر عاد وثمود وقوم لوط « أو لتعودن في ملتنا » لانه كان عندهم أنه كان قبل ذلك على دينهم ، فلذلك أطلقوا لفظ العود ، وقد كان يخفي دينه فيهم ، ويحتمل أنهم أرادوا به قومه فأدخلوه معهم في الخطاب أو يراد بالعود الابتداء مجازا « قال » أي شعيب « أو لو كنا كارهين » أي أيعبدوننا في مثلكم ولو كنا كارهين للدخول فيها؟ « قد افترينا » أي إن عدنا في ملتكم بأن نحل ما تحلونه ونحرم ما تحرمونه وننسبه إلى الله تعالى بعد إذ نجانا الله منها بأن أقام الدليل وأوضح الحق لنا فقد اختلقنا على الله كذبا فيما دعوناكم إليه.
« وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا » فيه وجوه : أحدها : أن المراد بالملة الشريعة لا ما يرجع إلى الاعتقاد في الله سبحانه وصفاته ، وفي شريعتهم أشياء يجوز أن
__________________
(١) في الطبرى : ميكائيل. وفى العرائس : شعيب ابن ميكائيل بن يشجر ، وقال : اسمه بالسريانية : يترون ، وامه ميكيل ابنة لوط.
(٢) الايكة الغيضة ، وهى غيضة شجر قرب مدين ، وقيل : هو الشجر الملتف.