يتعبدالله بها ، فكأنه قال : ليس لنا أن نعود في ملتكم إلا أن يشاء الله أن يتعبدنا بها وينسخ مانحن فيه من الشريعة.
وثانيها : أنه علق ما لا يكون بما علم أنه لا يكون على وجه التبعيد كما قال : « ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ». (١)
وثالثها : إلا أن يشاء الله أن يمكنكم من إكراهنا ، ويخلي بينكم وبينه فنعود إلى إظهارها مكرهين.
ورابعها : أن تعود الهاء إلى القرية ، أي سنخرج من قريتكم ولا نعود فيها إلا أن يشاء الله بما ينجزه لنا من الوعد في الاظهار عليكم والظفر بكم فنعود فيها.
وخامسها : أن يكون المعنى : إلا أن يشاء الله أن يرد كم إلى الحق فنكون جميعا على ملة واحدة ، لانه لما قال حاكيا عنهم : « أولتعودن في ملتنا » كان معناه : أو لنكونن على ملة واحدة ، فحسن أن يقول من بعد : إلا أن يشاء الله أن يجمعكم معنا على ملة واحدة « على الله توكلنا » في الانتصار منكم وفي كل أمورنا « ربنا افتح » سؤال نم شعيب ورغبة منه إلى الله تعالى في أن يحكم بينه وبين قومه بالحق على سبيل الانقطاع إليه ، وإن كان من المعلوم أن الله سيفعله لا محالة ; وقيل : أي اكشف بيننا وبين قومنا وبين أننا على حق وهذه استعجال منه للنصر « وأنت خير الفاتحين » أى الحاكمين والفاصلين « إذا لخاسرون » أى يمنزلة من ذهب رأس ماله ; وقيل : مغبونون ; وقيل : هالكون « جاثمين » أي ميتين ملقين على وجوههم « كأن لم يغنوا فيها » أي كأن لم يقيموا بها قط ، لان المهلك يصير كأن لم يكن « فتولى عنهم » أي أعرض عنهم لما رأى إقبال العذاب عليهم إعراض الآيس منهم « فكيف آسى » أي أحزن « على قوم كافرين » حل العذاب بهم مع استحقاقهم له. (٢)
« إني أراكم بخير » أي برخص السعر والحصب ; وقيل : أراد بالخير المال وزينة الدنيا فحذرهم الغلاء وزيادة السعر وزوال النعمة ; أو المعنى : أراكم في كثرة الاموال وسعة الرزق فلا حاجة لكم إلى نقصان الكيل والوزن « يوم محيط » أي يوم القيامة يحيط عذابه
__________________
(١) الاعراف : ٤٠.
(٢) مجمع البيان ٤ : ٤٤٧ ـ ٤٥٠. م