بجميع الكفار « بقيت الله خيرلكم » أي ما أبقى الله لكم من الحلال بعد إتمام الكيل والوزن خير من البخس والتطفيف ، وشرط الايمان لانهم إن كانوا مؤمنين بالله عرفوا صحة هذا القول ; وقيل : معناه : إبقاء الله النعيم عليكم خير لكم مما يحصل من النفع بالتطفيف ; وقيل : طاعة الله ; (١) وقيل : رزق الله « وما أنا عليكم بحفيظ » أي وما أنا بحافظ نعم الله عليكم إن أراد أن يزيلها عنكم ، أو ما أنا بحافظ لاعمالكم إن علي إلا البلاغ « أصلوتك تأمرك » إنما قالوا ذلك لان شعيبا كان كثير الصلاة ، وكان يقول إذا صلى : إن الصلاة رادعة عن الشر ، ناهية عن الفحشاء والمنكر ، فقالوا : أصلاتك التي تزعم أنها تأمر بالخير وتنهى عن الشر أمرتك بهذا؟! عن ابن عباس وقيل : معناه : أدينك يأمرك بترك دين السلف؟ كني عن الدين بالصلاة لانها من أجل امورالدين وإنما قالوا ذلك على وجه الاستهزاء. (٢)
« أو أن نفعل » قال البيضاوي عطف على « ما » أي وأن نترك فعلنا ما نشاء في أموالنا ، وهو جواب النهي عن التطفيف والامر بالايفاء ; وقيل : كان ينهاهم عن تقطيع الدراهم والدنانير فأرادوا به ذلك « على بينة من ربي » إشارة إلى ما آتاه الله من العلم والنبوة « ورزقني » إشارة إلى ما آتاه الله من المال الحلال ، وجواب الشرط محذوف ، تقديره : فهل يسع لي مع هذا الانعام أن أخون في وحيه وأخالفه في أمره ونهيه « وما أريد أن أخالفكم » أي وما اريد أن آتي ما أنهاكم عنه لاستبد به. فلو كان صوابا لآثرته ولم أعرض عنه فضلا أن أنها كم عنه ، يقال : خالفت زيدا إلى كذا : إذا قصدته وهو مول عنه ، وخالفته عنه إذا كان الامر بالعكس « إن أريد » أي ما أريد إلا أن اصلحكم بأمري بالمعروف ونهيي عن المنكر مادمت أستطيع الاصلاح ، فلو وجدت الاصلاح فيما أنتم عليه لما نهيتكم « وما توفيقي » لاصابة الحق والرشاد إلا بهدايته ومعونته. (٣)
__________________
(١) وأضاف السيد الرضى على هذه الوجوه وجها آخر ، قال : وقد قيل : بقية الله أى عفو الله عنكم ورحمته لكم بعد استحقاقكم العذاب ، كما يقول العرب المتحاربون بعضهم لبعض اذا استحر فيهم القتل واعضلهم الخطب : البقية البقية أى نسألكم البقية علينا ، والبقية ههنا والابقاء بمعنى واحد.
(٢) مجمع البيان ٥ : ١٨٧ ـ ١٨٨. م
(٣) انوار التنزيل ١ : ٢٢٤. م