وقال كعب : كانوا اثني عشر ألفا ، وقال السدي : كانوا بضعا وثلاثين ألفا ، وقال عكرمة : سبعين ألفا ، وقال محمد بن المنكدر : ثمانين ألفا فاختار منهم سبعة آلاف ليس منهم إلا ساحر ماهر ، ثم اختار منهم سبعمائة ، ثم اختار من اولئك السبعمائة سبعين من كبرائهم و علمائهم ، قال مقاتل : وكان رئيس السحرة أخوين بأقصى مدائن مصر ، فلما جاءهما رسول فرعون قالا لامهما : دلينا على قبر أبينا. فدلتهما عليه ، فأتياه فصاحا باسمه فأجابهما ، فقالا : إن الملك وجه إلينا أن نقدم عليه لانه أتاه رجلان ليس معهما رجال ولا سلاح ولهما عز ومنعة وقد ضاق الملك ذرعا(١) من عزهما ، ومعهما عصا إذا ألقياها لا يقوم لهما شئ ، تبلع الحديد والخشب والحجر ، فأجابهما أبوهما : انظرا إذا هما ناما فإن قدرتما أن تسلا العصا فسلاها ، فإن الساحر لا يعمل سحره وهو نائم ، وإن عملت العصا وهما نائمان فدلك أمر رب العالمين ، ولا طاقة لكما بهما ولا للملك ولا لجميع أهل الدنيا ، فأتياهما في خفية وهما نائمان ليأخذا العصا فقصدتهما العصا.
قالوا : ثم واعدوه يوم الزينة وكان يوم سوق لهم ، عن سعيد بن جبير ، وقال ابن عباس : كان يوم عاشوراء ، ووافق ذلك يوم السبت في أول يوم من السنة وهو يوم النيروز ، وكان يوم عيد لهم يجتمع إليه الناس من الآفاق ، قال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم : وكان اجتماعهم للميقات بالاسكندرية ، ويقال : بلغ ذنب الحية من وراء البحيرة(٢) يومئذ ، قالوا : ثم قال السحرة لفرعون : « أئن لنا لاجرا إن كنا نحن الغالبين » قال فرعون : وإنكم إذا لمن المقربين عندي في المنزلة ، فلما اجتمع الناس جاء موسى وهو متكئ على عصاه ومعه أخوه هارون حتى أتى(٣) الجمع وفرعون في مجلسه مع أشراف قومه ، فقال موسى عليهالسلام للسحرة حين جاءهم : « ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى » فتناجى السحرة بينهم وقال بعضهم لبعض : ما هذا بقول ساحر ، فذلك قوله تعالى : « فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى » فقالت السحرة :
_________________
(١) أى ضاق صدره وضعفت طاقته.
(٢) في المصدر : بلغ ذنب الحية الجزيرة من وراء ، البحرة. م
(٣) في المصدر : حتى أتيا المجمع. م