« فيها هدى » أي بيان للحق ودلالة على الاحكام « ونور » أي ضياء لكل ما تشابه عليهم ، وقيل : أي بيان أن أمر النبي صلى الله عليه وآله حق.
« يحكم بها النبيون الذين أسلموا » أي يحكم بالتوراة النبيون الذين أذعنوا لحكم الله وأقروا به « للذين هادوا » أي تابوا من الكفر ، أو لليهود ، واللام فيه متعلق بيحكم أي يحكمون بالتوراة لهم وفيما بينهم « والربانيون » أي يحكم بها الربانيون الذين علت درجاتهم في العلم ، وقيل : الذين يعملون بما يعلمون « والاحبار » العلماء الكبار « بما استحفظوا » أي بما استودعوا من كتاب الله ، أو بما امروا بحفظ ذلك والقيام به وترك تضييعه « وكانوا عليه شهداء » أي رقباء لا يتركون أن يغير ، أو يبينون ما يخفى منه.(١)
« اخلفني » أي كن خليفتي « في قومي وأصلح » فيما بينهم ، وأجر على طريقتك في الصلاح ، أو أصلح فاسدهم « ولا تتبع سبيل المفسدين » أي لا تسلك طريقة العاصين ، ولا تكن عونا للظالمين.
« قال رب أرني » اختلف في وجه هذا السؤال على أقوال نذكر منها وجهين : أحدهما ما قاله الجمهور وهو الاقوى : إنه لم يسأل لنفسه وإنما سألها لقومه ، حين قالوا : « لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة » ولذا قال عليهالسلام : « أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ».
وثانيهما : أنه لم يسأل الرؤية بالبصر ، ولكن سأله أن يعلمه نفسه ضرورة بإظهار بعض أعلام الآخرة التي تضطره إلى المعرفة ، ويستغني عن الاستدلال « قال لن تراني » أبدا « فإن استقر مكانه » علق رؤيته باستقرار الجبل الذي علمنا أنه لم يستقر من قبيل التعليق على المحال « وخر موسى صعقا » (٢) أي سقط مغشيا عليه ، وروي عن ابن عباس
_________________
(١) مجمع البيان ١٩٧ و ١٩٨.
(٢) قال السيد الرضى
رضوان الله تعالى عليه في قوله عز اسمه : « فلما تجلى ربه » هذه استعارة
على احد وجهى التأويل ، وهو أن يكون المعنى : فلما حقق تعالى بمعرفته لحاضرى الجبل
بالايات
التى أحدثها في الجبل زالت عنهم في العلم بحقيقته عوارض الشبه وخوالج الريب ، وكان
معرفته
سبحانه تجلت لهم من غطاء أو برزت لهم من حجاب ، وأما التأويل الاخر وهو أن يقدر في
الكلام *