من أحكام السير والقصص.(١)
ثم أوحى الله إلى موسى « إنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري » وعبدوا العجل وله خوار ، فقال موسى عليهالسلام : يا رب! العجل من السامري فالخوار ممن؟ قال : مني يا موسى ، أنا لما رأيتهم قد ولوا عني إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة ، فرجع موسى كما حكى الله إلى قومه غضبان أسفا قال : « يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي » ثم رمى بالالواح وأخذ بلحية أخيه هارون ورأسه يجره إليه فقال له : « ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري » فقال هارون كما حكى الله : « يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي » فقال له بنو إسرائيل : « ما أخلفنا موعدك بملكنا » قال : ما خالفناك « ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم » يعني من حليهم « فقذفناها » قال : التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه ، ثم أخرج السامري العجل وله خوار فقال له موسى : « ما خطبك يا سامري » قال السامري « بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول » يعني من تحت حافر رمكة جبرئيل في البحر « فنبذتها » أي أمسكتها(٢) « وكذلك سولت لي نفسي » أي زينت ، فأخرج موسى العجل فأحرقه بالنار وألقاه في البحر ، ثم قال موسى للسامري : « اذهب فإن لك في الحيوة أن تقول لا مساس » يعني ما دمت حيا وعقبك هذه العلامة فيكم قائمة أن تقول : (٣) لا مساس حتى تعرفوا أنكم سامرية فلا يغتروا بكم الناس ، فهم إلى الساعة بمصر والشام معروفين بلا مساس ، ثم هم موسى بقتل السامري فأوحى الله إليه : لا تقتله يا موسى فإنه سخي ، فقال له موسى : « انظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا * إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شئ علما ».(٤)
_________________
(١) هكذا في النسخ ، وفى المصدر : من الاحكام والسير والقصص. وهو الصواب.
(٢) هكذا في النسخ والمصدر ، ولم نجد في اللغة النبذ بمعنى الامساك ، يل هو بمعنى الطرح و والرمى.
(٣) في نسخة : أن تقولوا.
(٤) تفسير القمى : ٤٢٠ ـ ٤٢٢.