وقال السدي : كانت تلك العصا استودعها شعيبا ملك في صورة رجل فأمر ابنته أن تأتيه بعصا فدخلت وأخذت العصا فأتتة بها ، فلما رآها الشيخ قال : ايتيه بغيرها ، فألقتها وأرادت أن تأخذ غيرها فكان لا تقع في يدها إلا هي ، فعلت ذلك مرارا فأعطاها موسى.
وقوله : « سار بأهله » قيل : إنه مكث بعد انقضاء الاجل عند صهره عشرا اخرى تمام عشرين ، ثم استأذنه في العود إلى مصر ليزور والدته وأخاه فأذن له فسار بأهله ، عن مجاهد ، وقيل : إنه لما قضى العشر سار بأهله أي بامرأته وبأولاد الغنم التي كانت له وكانت قطيعا فأخذ على غير الطريق مخافة ملوك الشام ، وامرأته في شهرها فسار في البرية غير عارف بالطريق فألجأه المسير إلى جانب الطور الايمن في ليلة مظلمة شديدة البرد ، وأخذ امرأته الطلق ، وضل الطريق وتفرقت ماشيته وأصابه المطر فبقي لا يدري أين يتوجه ، فبينا هو كذلك إذ آنس من جانب الطور نارا.
وروى أبوبصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : لما قضى موسى الاجل وسار بأهله
نحو بيت المقدس أخطأ الطريق ليلا فرأى نارا « إني آنست نارا » أي أبصرت بخبر ، أي
من الطريق الذي اريد قصده وهل أنا على صوبه أو منحرف عنه ، وقيل : بخبر من النار
هل هي لخير نأنس به أو لشر نحذره « أو جذوة » أي قطعة من النار ، وقيل : بأصل شجرة
فيها نار « لعلكم تصطلون » أي تستدفئون بها « من شاطئ الواد الايمن » أي من الجانب
الايمن للوادي « في البقعة المباركة » وهي البقعة التي قال الله تعالى فيها لموسى :
« اخلع
نعليك إنك بالواد المقدس طوى » وإنما
كانت مباركة لانها معدن الوحي والرسالة وكلام
الله تعالى ، أو لكثرة الاشجار والثمار والخير والنعم بها ، والاول أصح « من
الشجرة » إنما
سمع موسى عليهالسلام النداء
والكلام من الشجرة لان الله تعالى فعل الكلام فيها ، وجعل
الشجرة محل الكلام ، لان الكلام عرض يحتاج إلى محل ، وعلم موسى بالمعجزة أن ذلك
كلامه تعالى ، وهذه أعلى منازل الانبياء ، أعني أن يسمعوا كلام الله من غير واسطة
ومبلغ
وكان كلامه سبحانه : « أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين » أي أن المكلم لك هو
الله مالك
العالمين تعالى وتقدس عن أن يحل في محل ، أو يكون في مكان لانه ليس بعرض ولا جسم