أبوحمزة : وبلغنا أيضا ـ والله أعلم ـ أنه امية بن أبي الصلت الثقفي ، وكان قد قرأ الكتب ، وعلم أنه سبحانه مرسل رسولا في ذلك الوقت ، فلما ارسل محمد صلى الله عليه وآله حسده ومر على قتل بدر فسأل عنهم فقيل : قتلهم محمد ، فقال : لو كان نبيا ما قتل أقرباءه ، وقيل : إنه أبوعامر الراهب الذي سماه النبي الفاسق ، (١) وقيل : المعني بن منافقو أهل الكتاب : وقال أبوجعفر عليهالسلام : الاصل في ذلك بلعم ، ثم ضربه الله مثلا لكل مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة.
« ولو شئنا لرفعناه بها » أي بتلك الآيات ، أي ولو شئنا لرفعنا منزلته بإيمانه ومعرفته قبل أن يكفر ، ولكن بقيناه ليزداد الايمان فكفر ، وقيل : معناه : ولو شئنا لحلنا بينه وبين ما اختاره من المعصية « ولكنه أخلد إلى الارض » أي ركن إلى الدنيا « إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث » أي صفته كصفة الكلب ، إن طردته وشددت عليه يخرج لسانه من فمه ، وكذا إن تركته ولم تطرده ، و « تحمل عليه » من الحملة لا من الحمل والمعنى : إن وعظته فهو ضال وإن لم تعظه فهو ضال ، وقيل : إنما شبه بالكلب في الخسة وقصور الهمة ، ثم وصف الكلب باللهث على عادة العرب في تشبيههم الشئ بالشئ ثم يأخذون في وصف المشبه به وإن لم يكن ذلك في المشبه ، وقيل : شبهه بالكلب إذا أخرج لسانه ، لايذائه الناس بلسانه ، حملت عليه أو تركته ، يقال لمن آذى الناس بلسانه : فلان أخرج لسانه من الفم مثل الكلب ، ولهثه في هذا الموضع : صياحه ونباحه.(٢)
_________________
(١) الذى أسس مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المسلمين ، فامر الله نبيه بهدمه ، وسمى بعد ذلك المسجد الضرار.
(٢) مجمع البيان ٤ : ٤٩٩ ـ ٥٠١.