بيتي وولدي ، (١) فإن طابت نفسك أن تعطيني فأذهب به إلى بيتي لا آلوه خيرا ، (٢) فعلت وذكرت(٣) ام موسى وعد الله تعالى فرجعت به إلى بيتها من يومها ، وقيل : كانت غيبة موسى عن امه ثلاثة أيام فلما جاءت امه به إلى بيتها كادت تقول : هو ابني ، فعصمها الله تعالى وذلك قوله تعالى « إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبه » فلما ترعرع قالت امرأة فرعون لام موسى : احب أن تريني ابني ، فوعدتها يوما تريها إياه ، فقالت لحواضنها وقهارمتها : (٤) لا تبقين منكم أحد إلا استقبل ابني بهدية وكرامة ، فلم تزل الهدايا والتحف تستقبله من حين اخرج من بيت امه إلى أن ادخل على امرأة فرعون ، فأكرمته وفرحت به ، فلما ادخل على فرعون تناول لحيته ونتف منها ، ويقال : إنه لطم وجهه ، وفي بعض الروايات أنه كان يلعب بين يدي فرعون وبيده قضيب صغير يلعب به إذ ضرب على رأس فرعون ، فغضب غضبا شديدا وتطير منه وقال : هذا عدوي ، فأرسل إلى الذباحين ، فقالت امرأته : إنما هو صبي لا يعقل ، وإني أجعل بيني وبينك أمرا تعرف فيه الحق ، أضع له حليا من الذهب ، وأضع له جمرا ، فإن أخذ الياقوت فهو يعقل ، فلما حول جبرئيل يده إلى الجمر قبضها وطرحها في فيه فوضعها على لسانه فأحرقته ، فذلك الذي يقول : « واحلل عقدة من لساني » فكف عن قتله وحببه الله تعالى إليه وإلى الناس كلهم.
وقال أهل السير : لما بلغ موسى عليهالسلام أشده وكبر كان يركب مراكب فرعون ، ويلبس ما يلبس فرعون وكان إنما يدعى موسى بن فرعون ، وامتنع به بنو إسرائيل من كثير من
_________________
(١) في المصدر : لا استطيع أن أدع بيتى وولدى فيضيعوا.
(٢) في المصدر : لا اولى له الا خيرا ، أى لا أصنع له الا خيرا.
(٣) في المصدر زيادة وهى هكذا : وإلا انى غير تاركة بيتى وولدى ، وتذكرت ام موسى ما كان الله وعدها فتعاسرت على امرأة فرعون وأيقنت أن الله تعالى منجز وعده فرجعت بابنها إلى بيتها من وقتها.
(٤) الحواضن جمع الحاضنة : هى التى تقوم على الصغير في تربيته. القهرمان : الوكيل أو أمين الدخل والخرج. وفى المصدر : فقالت آسية لخواصها وقهارمتها : لا يبقى منكن واحدة الا استقبلت ابنى بهدية وكرامة ، فانى بادئة بأمينة تحصى ما تصنع كل قهرمانة منكن فلم تزل اه.