من البحر طائفة منكم يسلكون طريقا يابسا فوقع الفرق بكم « وأغرقنا آل فرعون » لم يذكر فرعون لظهوره وذكره في مواضع ويجوز أن يريد بآل فرعون نفسه.
« وأنتم تنظرون » أي تشاهدون أنهم يغرقون ، وجملة القصة ما ذكره ابن عباس أن الله تعالى أوحى إلى موسى : أن أسر ببني إسرائيل من مصر ، فسرى موسى ببني إسرائيل ليلا فأتبعهم فرعون في ألف ألف حصان سوى الاناث ، وكان موسى في ستمائة ألف وعشرين ألفا ، فلما عاينهم فرعون قال : « إن هؤلاء لشرذمة قليلون » إلى قوله : « حاذرون » فسرى موسى ببني إسرائيل حتى هجموا على البحر فالتفتوا فإذا هم برهج(١) دواب فرعون ، فقالوا : يا موسى « اوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعدما جئتنا » هذا البحر أمامنا ، وهذا فرعون قد دهقنا(٢) بمن معه ، فقال موسى : « عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الارض فينظر كيف تعملون » فقال له يوشع بن نون : بم امرت؟ قال : امرت أن أضرب بعصاي البحر ، قال : اضرب ، وكان الله أوحى إلى البحر : أن أطع موسى إذا ضربك ، قال : فبات البحر له أفكل(٣) أي رعدة لا يدري في أي جوانبه يضربه ، فضرب بعصاه البحر فانفلق وظهر اثنا عشر طريقا ، فكان لكل سبط منهم طريق يأخذون فيه ، فقالوا : إنا لا نسلك طريقا نديا ، فأرسل الله ريح الصبا حتى جففت الطريق كما قال : « فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا » فجروا ، فلما أخذوا في الطريق قال بعضهم لبعض : مالنا لا نرى أصحابنا؟ فقالوا لموسى : أين أصحابنا؟ فقال : في طريق مثل طريقكم ، فقالوا : لا نرضى حتى نراهم ، فقال موسى عليهالسلام : اللهم أعني على أخلاقهم السيئة ، فأوحى الله إليه : أن قل بعصاك(٤) هكذا وهكذا يمينا وشمالا ، فأشار بعصاه يمينا وشمالا فظهر كالكو (٥) ينظر منها بعضهم إلى بعض ، فلما انتهى فرعون إلى ساحل البحر وكان
_________________
(١) الرهج : ما اثير من الغبار.
(٢) أى لحقنا ودنا منا.
(٣) في نسخة : فبان له البحر أفكل. والافكل : الرعدة يقال : أخذه أفكل ـ بالتنوين ـ : اذا اوتعد من خوف أو برد.
(٤) كذا في النسخة ، وفى المصدر : ان مل بعصاك.
(٥) الكو والكوة : الخرق في الحائط.