وكذلك اليد اليسرى مع الرجل اليمنى ، قيل : أول من قطع الرجل وصلب فرعون صلبهم في جذوع النخل على شاطئ نهر مصر « إنا إلى ربنا منقلبون » راجعون إلى ربنا بالتوحيد والاخلاص ، والانقلاب إلى الله هو الانقلاب إلى جزائه ، وغرضهم التسلي في الصبر على الشدة لما فيه من المثوبة مع مقابلة وعيده بوعيد أشد منه وهو عقاب الله « وما تنقم منا » أي وما تطعن علينا وما تكره منا إلا إيماننا بالله وتصديقنا بآياته التي جاءتنا « ربنا أفرغ علينا صبرا » أي اصبب علينا الصبر عند القطع والصلب حتى لا نرجع كفارا « وتوفنا مسلمين » أي وفقنا للثبات على الاسلام إلى وقت الوفاة ، قالوا : فصلبهم فرعون من يومه فكانوا أول النهار كفارا سحرة ، وآخر النهار شهداء بررة ، وقيل أيضا : إنه لم يصل إليهم وعصمهم الله منه.
« وقال الملا من قوم فرعون » لما أسلم السحرة « أتذر موسى وقومه » أي أتتركهم أحياء ليظهروا خلافك ويدعوا الناس إلى مخالفتك ليغلبوا عليك فيفسد به ملكك ، وروي عن ابن عباس أنه لما آمن السحرة أسلم من بني إسرائيل ستة مائة ألف نفس واتبعوه « قال موسى لقومه » قال ابن عباس : كان فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل ، فلما كان من أمر موسى ما كان أمر بإعادة القتل عليهم ، فشكا ذلك بنو إسرائيل إلى موسى فعند ذلك قال : « استعينوا بالله » في دفع بلاء فرعون عنكم « واصبروا » على دينكم « يورثها من يشاء » أي ينقلها إلى من يشاء نقل المواريث « والعاقبة للمتقين » أي تمسكوا بالتقوى فإن حسن العاقبة في الدارين للمتقين « قالوا » أي بنو إسرائيل لموسى : « اوذينا من قبل أن تأتينا » أي عذبنا فرعون بقتل الابناء واستخدام النساء قبل أن تأتينا بالرسالة « ومن بعدما جئتنا » أيضا ، ويتوعدنا ويأخذ أموالنا ويكلفنا الاعمال الشاقة فلم ننتفع بمجيئك ، وهذا يدل على أنه جرى فيهم القتل والتعذيب مرتين. قال الحسن : كان فرعون يأخذ الجزية قبل مجئ موسى وبعده من بني إسرائيل ، وهذا كان استبطاء منهم لما وعدهم موسى من النجاة ، فجدد لهم عليهالسلام الوعد « قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم » وعسى من الله موجب(١) « ويستخلفكم في الارض » أي يملككم ما كانوا يملكونه في الارض من بعدهم « فينظر كيف تعملون » شكرا لما منحكم.
_________________
(١) في المصدر : قال الزجاج : عسى من الله طمع واشفاق الا ما يطمع الله فيه فهو واجب.