« ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين » اللام للقسم أي عاقبنا قوم فرعون بالجدوب و القحرط « فإذا جاءتهم الحسنة » يعني الخصب والنعمة والسعة في الرزق والسلامة والعافية « قالوا لنا هذه » أي إنا نستحق ذلك على العادة الجارية لنا ، ولم يعلموا أنه من عند الله تعالى فيشكروه « وإن تصبهم سيئة » أي جوع وبلاء وقحط المطر وضيق الرزق وهلاك الثمر والمواشي « يطيروا » أي يتطيروا ويتشأموا بموسى ومن معه ، وقالوا : ما رأينا شرا حتى رأيناكم « ألا إنما طائرهم عند الله » معناه : ألا إن الشؤم الذي يلحقهم هو الذي وعدوا به من العقاب عند الله يفعل بهم في الآخرة ، لا ما ينالهم في الدنيا ، أو أن الله هو الذي يأتي بطائر البركة وطائر الشؤم من الخير والشر والنفع والضر ، فلو عقلوا لطلبوا الخير والسلامة من الشر من قبله ، وقيل : أي ما تشأموا به محفوظ عليهم حتى يجازيهم الله به يوم القيامة « وقالوا » أي قوم فرعون لموسى : « مهما تأتنا به من آية » أي أي شئ تأتينا به من المعجزات « لتسحرنا بها » أي لتموه علينا بها حتى تنقلنا عن دين فرعون؟
« فأرسلنا عليهم الطوفان » قال ابن عباس وابن جبير وقتادة ومحمد بن إسحاق ورواه علي بن إبراهيم بإسناده عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام دخل حديث بعضهم في بعض قالوا : لما آمنت السحرة ورجع فرعون مغلوبا وأبى هو وقومه إلا الاقامة على الكفر قال هامان لفرعون : إن الناس قد آمنوا بموسى فانظر من دخل في دينه فاحبسه ، فحبس كل من آمن به من بني إسرائيل ، فتابع الله عليهم بالآيات ، وأخذهم بالسنين ونقص الثمرات ، ثم بعث عليهم الطوفان فخرب دورهم ومساكنهم حتى خرجوا إلى البرية و ضربوا الخيام ، وامتلات بيوت القبط ماء ، ولم يدخل بيوت بني إسرائيل من الماء قطرة وأقام الماء على وجه أرضيهم لا يقدرون على أن يحرثوا ، فقالوا لموسى : « ادع لنا ربك » أن يكشف عنا المطر فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل ، فدعا ربه فكشف(١) عنهم الطوفان فلم يؤمنوا ، وقال هامان لفرعون : لئن خليت بني إسرائيل غلبك موسى وأزال ملكك ، و أنبت الله لهم في تلك السنة من الكلا والزرع والثمر ما أعشبت به بلادهم وأخصبت ، فقالوا : ما كان هذا الماء إلا نعمة علينا وخصبا ، فأنزل الله عليهم في السنة الثانية ـ عن علي بن
_________________
(١) في نسخة : فكف.