بالطمس على الاموال تغييرها عن جهتها إلى جهة لا ينتفع بها. قال عامة أهل التفسير : صارت جميع أموالهم حجارة حتى السكر والفانيذ(١) « واشدد على قلوبهم » أي ثبتهم على المقام ببلدهم بعد إهلاك أموالهم فيكون ذلك أشد عليهم ، وقيل : أي أمتهم وأهلكهم بعد سلب أموالهم ، وقيل : إنه عبارة عن الخذلان والطبع « فلا يؤمنوا » يحتمل النصب والجزم فأما النصب فعلى جواب صيغة الامر بالفاء ، أو بالعطف على « ليضلوا » وما بينهما اعتراض وأما الجزم فعلى وجه الدعاء عليهم ، وقيل : إن معناه : فلا يؤمنون إيمان اختيار أصلا « قد اجيبت دعوتكما » قال ابن جريح : مكث فرعون بعد هذا الدعاء أربعين سنة ، وروي ذلك عن أبي عبدالله عليهالسلام « فاستقيما » أي فأثبتا على ما امرتما به من دعاء الناس إلى الايمان « بغيا وعدوا » أي ليبغوا عليهم ويظلموهم « قال آمنت » كان ذلك إيمان إلجاء لا يستحق به الثواب فلم ينفعه « الآن » أي قيل له : الآن آمنت حين لم ينفع الايمان وقد عصيت بترك الايمان في حال ينفعك؟ فهلا آمنت قبل ذلك؟! « وكنت من المفسدين » في الارض ، والقائل جبرئيل أو هو الله تعالى « فاليوم ننجيك ببدنك » قال أكثر المفسرين : معناه : لما أغرق الله تعالى فرعون وقومه أنكر بعض بني إسرائيل غرق فرعون وقالوا : هو أعظم شأنا من أن يغرق ، فأخرجه الله حتى رأوه ، فذلك قوله : « فاليوم ننجيك » أي نلقيك على نجوة من الارض ، وهي المكان المرتفع بجسدك من غير روح ، وذلك أنه طفا(٢) عريانا ، وقيل : معناه : نخلصك من البحر وأنت ميت ، والبدن : الدرع ، قال ابن عباس : كانت عليه درع من ذهب يعرف بها ، فالمعنى : نرفعك فوق الماء بدرعك المشهورة ليعرفوك بها « لتكون لمن خلفك آية » أي نكالا « مبوأ صدق » أي مكانهم مكانا محمودا وهو بيت المقدس والشام ، وقال الحسن : يريد به مصر ، وذلك أن موسى عبر ببني إسرائيل البحر ثانيا ، ورجع إلى مصر وتبوأ مساكن آل فرعون « فما اختلفوا حتى جاءهم العلم » أي اليهود ما اختلفوا في تصديق محمد صلى الله عليه وآله حتى جاءهم العلم وهو القرآن ، أو العلم بحقيته ، أو ما اختلف بنو إسرائيل إلا بعدما جاءهم الحق على يد موسى وهارون ، فإنهم
_________________
(١) قال الفيومى في المصباح : الفانيذ : نوع من الحلواء يعمل من القند والنشا ، وكانها كلمة أعجمية لفقد فاعيل في كلام العرب.
(٢) أى علا فوق الماء.