وقيل : تناجوا مع فرعون وأسروا عن موسى وهارون.
قولهم : « إن هذان لساحران » قاله فرعون وجنوده للسحرة « ويذهبا بطريقتكم المثلى » هي تأنيث الامثل ، وهو الافضل ، والمعنى : يريدان أن يصرفا وجوه الناس إليهما ، عن علي عليهالسلام. وقيل : إن طريقتهم المثلى بنو إسرائيل كانوا أكثر القوم عددا وأموالا ، (١) وقيل : يذهبا بطريقتكم التي أنتم عليها في السيرة والدين « فأجمعوا كيدكم » أي لا تدعوا من كيدكم شيئا إلا جئتم به « ثم ائتوا صفا » أي مصطفين مجتمعين « وقد أفلح اليوم من استعلى » أي قد سعد اليوم من غلب وعلا ، قال بعضهم : إن هذا من قول فرعون للسحرة ، وقال آخرون : بل هو من قول بعض السحرة لبعض « يخيل إليه » أي إلى موسى أو إلى فرعون « أنها تسعى » أي تسير وتعدو مثل سير الحيات ، وإنما قال : « يخيل إليه » لانها لم تكن تسعى حقيقة وإنما تحركت لانهم جعلوا داخلها الزيبق ، فلما حميت الشمس طلب الزيبق الصعود فحركت الشمس ذلك فظن أنها تسعى.
« فأوجس في نفسه » أي وجد في نفسه ما يجده الخائف ، يقال : أوجس القلب فزعا أي أضمر ، والسبب في ذلك أنه خاف أن يلتبس على الناس أمرهم فيتوهموا أنهم فعلوا مثل ما فعله ، ويظنوا المساواة فيشكوا ، وقيل : إنه خوف الطباع إذا رأى الاسنان أمرا فظيعا فإنه يحذره ويخافه في أول وهلة ، وقيل : إنه خاف أن يتفرق الناس قبل إلقائه العصا وقبل أن يعلموا بطلان السحر فيبقوا في شبهة ، وقيل : إنه خاف لانه لم يدر أن العصا إذا انقلبت حية هل يظهر المزية؟ لانه لم يعلم أنها تتلقفها ، وكان ذلك موضع خوف ، لانها لو انقلبت حية ولم تتلقف ما يأفكون ربما ادعوا المساواة ، لاسيما والاهواء معهم والدولة لهم ، فلما تلقفت زالت الشبهة « إنك أنت الاعلى » عليهم بالظفر والغلبة « وألق ما في يمينك » قالوا : لما ألقى عصاه صارت حية وطافت حول الصفوف حتى رآها الناس كلهم ، ثم قصدت الحبال والعصي فابتلعتها كلها على كثرتها ، ثم أخذها موسى فعادت عصا كما كانت « حيث أتى » أي حيث كان وأين أقبل « إنه لكبيركم » اي استادكم ، وقد يعجز التلميذ عما يفعله الاستاد ، أو رئيسكم ما
_________________
(١) في المصدر : أى يريدان أن يذهبا بكم لانفسهم.