عجزتم عن معارضته ولكنكم تركتم معارضته احتشاما واحتراما ، وإنما قال ذلك لايهام العوام.
« في جذوع النخل » أي عليها « أينا أشد عذابا » أنا على إيمانكم أم رب موسى على ترككم الايمان به « لن نؤثرك » أي لن نختارك على ما جاءنا من البينات ، أي المعجزات والادلة « والذي فطرنا » أي وعلى الذي فطرنا ، أو الواو للقسم « فاقض ما أنت قاض » أي فاصنع ما أنت صانعه ، أو فاحكم ما أنت حاكم فإنا لا نرجع عن الايمان « إنما تقضي هذه الحياة الدنيا » أي إنما تصنع بسلطانك وتحكم في هذه الحياة الدنيا دون الآخرة فلا سلطان لك فيها ، وقيل : معناه : إنما تفنى وتذهب الحياة الدنيا « خطايانا » من الشرك والمعاصي « وما أكرهتنا عليه من السحر » إنما قالوا ذلك لان الملوك كانوا يجبرونهم على تعليم السحر كيلا يخرج من أيديهم ، وقيل : إن السحرة قالوا لفرعون : أرنا موسى إذا نام ، فأراهم إياه ، فإذا هو نائم وعصاه تحرسه ، فقالوا : ليس هذا بسحر إن الساحر إذا نام بطل سحره ، فأبى عليهم إلا أن يعملوا ، فذلك إكراههم « والله خير » لنا منك وثوابه أبقى لنا من ثوابك ، أو خير ثوابا للمؤمنين ، وأبقى عقابا للعاصين منك ، وههنا انتهى الاخبار عن السحرة. ثم قال تعالى : « إنه من يأت ربه مجرما » وقيل : إنه من قول السحرة.(١)
« فاضرب لهم » قال البيضاوي : فاجعل لهم ، من قولهم : ضرب له في ماله سهما ، أو فاتخذ ، من ضرب اللبن : إذا عمله « يبسا » أي يابسا مصدر وصف به « لا تخاف دركا » أي أمنا من أن يدرككم العدو « فأتبعهم فرعون بجنوده » أي فأتبعهم نفسه ومعه جنوده ، فحذف المفعول الثاني ، وقيل : « فأتبعهم » بمعنى فاتبعهم ، ويؤيده القراءة ، والباء للتعدية ، وقيل : الباء مزيدة « فغشيهم » الضمير لجنوده أوله ولهم وفيه مبالغة ووجازة أي غشيهم ما سمعت قصته ، ولا يعرف كنهه إلا الله « وأضل فرعون قومه وما هدى » أي أضلهم في الدين وما هداهم وهو تهكم به في قوله : « وما أهديكم إلا سبيل الرشاد » أو أضلهم في البحر وما نجا.(٢)
_________________
(١) مجمع البيان ٧ : ١٠ ـ ٢١. م
(٢) انوار التنزيل ٢ : ٢٥. م