« بآياتنا » بالآيات التسع « وسلطان مبين » وحجة واضحة ، ويجوز أن يراد به العصا ، وإفرادها لانها أولى المعجزات « قوما عالين » أي متكبرين « وقومهما » يعني بني إسرائيل « لنا عابدون » خادمون منقادون كالعباد.(١)
« ألا يتقون » استيناف أتبعه إرساله للانذار تعجيبا له من إفراطهم في الظلم و جترائهم عليه « قال رب إني أخاف » إلى قوله : « إلى هارون » رتب استدعاء ضم أخيه إليه و اشتراكه له في الامر على الامور الثلاثة : خوف التكذيب ، وضيق القلب انفعالا عنه ، وازدياد الحبسة في اللسان بانقباض الروح إلى باطن القلب عند ضيقه بحيث لا ينطلق ، فإنها إذا اجتمعت مست الحاجة إلى معين يقوي قلبه وينوب منابه متى تعتريه حبسة حتى لا تختل دعوته ، وليس ذلك تعللا منه وتوقفا في تلقي الامر بل طلب لما يكون معونة على امتثاله و تمهيد عذره « ولهم علي ذنب » أي تبعة ذنب ، والمراد قتل القبطي ، وإنما سمي ذنبا على زعمهم « فأخاف أن يقتلون » به قبل أداء الرسالة ، وهو أيضا ليس تعللا وإنما هو استدفاع للبلية المتوقعة. وقوله : « كلا فاذهبا بآياتنا » إجابة له إلى الطلبتين بوعده للدفع اللازم ردعه عن الخوف ، وضم أخيه إليه في الارسال « إنا معكم » يعني موسى وهارون وفرعون « مستمعون » سامعون لما يجري بينكما وبينه فاظهر كما عليه « إنا رسول رب العالمين » أفرد الرسول لانه مصدر وصف به ، أو لاتحادهما للاخوة ، أو لوحدة المرسل والمرسل به ، أو لانه أراد أن كل واحد منا « أن أرسل معنا بني إسرائيل » أي خلهم يذهبوا معنا إلى الشام « قال » أي فرعون لموسى بعدما أتياه فقالا له ذلك : « ألم نربك فينا » أي في منازلنا « وليدا » طفلا سمي به لقربه من الولادة « ولبثت فينا من عمرك سنين » قيل : لبث فيهم ثلاثين سنة ، ثم خرج إلى مدين عشر سنين ، ثم عاد إليهم يدعوهم إلى الله ثلاثين ، ثم بقي بعد الغرق خمسين.(٢)
وقال الطبرسي : أي أقمت سنين كثيرة عندنا ، وهي ثماني عشرة سنة ، عن ابن عباس ، وقيل : ثلاثين سنة ، وقيل : أربعين سنة « وفعلت فعلتك التي فعلت » يعني قتل القبطي
_________________
(١) انوار التنزيل ٢ : ٤٦ ـ ٤٧. م
(٢) انوار التنزيل ٢ : ٦٧. م