« وأنت من الكافرين » لنعمتنا وحق تربيتنا ، وقيل : معناه : وأنت من الكافرين بإلهك إذ كنت معنا على ديننا الذي تعيبه وتقول : إنه كفر « قال » موسى : « فعلتها إذا وأنا من الضالين » أي من الجاهلين لم أعلم أنها تبلغ القتل ، وقيل : من الناسين ، وقيل : من الضالين عن طريق الصواب لاني ما تعمدته وإنما وقع مني خطأ ، وقيل : من الضالين عن النبوة ، أي لم يوح إلي تحريم قتله « حكما » أي نبوة ، وقيل : هو العلم بما تدعو إليه الحكمة من التوراة والعلم بالحلال والحرام والاحكام « وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل » يقال : عبده وأعبده : إذا اتخذه عبدا ، وفيه أقوال : أحدها : أن فيه اعترافا بأن تربيته له كانت نعمة منه على موسى وإنكارا للنعمة في ترك استعباده ويكون ألف التوبيخ مضمرا فيه ، فكأنه قال : أتقول : وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ولم تعبدني؟!
وثانيها : أنه إنكار للمنة أصلا ، ومعناه : أتمن بأن ربيتني مع استعبادك قومي؟ هذه ليست بنعمة ، يريد أن اتخاذك بني إسرائيل الذين هم قومي عبدا أحبط نعمتك التي تمن بها علي.
وثالثها : أن معناه إنك لو كنت لا تستعبد بني إسرائيل ولا تقتل أبناءهم لكانت امي مستغنية عن قذفي في اليم ، فكأنك تمتن علي بما كان بلاؤك سببا له.
ورابعها : أن فيه بيان أنه ليس لفرعون عليه نعمة ، لان الذي تولى تربيته امه وغيرها من بني إسرائيل بأمر فرعون لما استعبدهم ، فمعناه أنك تمن علي بأن استعبدت بني إسرائيل حتى ربوني وحفظوني.(١)
« قالوا أرجه وأخاه » قال البيضاوي : أي أخر أمرهما ، وقيل : احبسهما « وابعث في المدائن حاشرين » شرطا يحشرون السحرة من ساعات يوم معين وهو وقت الضحى من يوم الزينة « لميقات يوم معلوم » لما وقت به من ساعات يوم معين « وقيل للناس هل أنتم مجتمعون * لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين » لعلنا نتبعهم في دينهم ، والترجي لاعتبار الغلبة المقتضية للاتباع ، ومقصودهم أن لا يتبعوا موسى لا أن
_________________
(١) مجمع البيان ٧ : ١٨٦ ـ ١٨٧. م