بكل واحد منهم رجلا من الشرطة ، ثم نظر أمير المؤمنين عليهالسلام إلى وجوههم فقال : ماذا تقولون؟ أتقولون إني لا أعلم ماصنعتم بأب هذا الفتى؟ إني إذا لجاهل ، ثم قال : فرقوهم وغطوا رؤوسهم ، ففرق بينهم وأقيم كل واحد منهم إلى أسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطاة بثيابهم ، ثم دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه ، فقال : هات صحيفة ودواتا ، وجلس علي عليهالسلام في مجلس القضاء واجتمع الناس إليه ، فقال : إذا أنا كبرت فكبروا ، ثم قال للناس : افرجوا ، ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه فكشف عن وجهه ، ثم قال لعبيد الله : اكتب إقراره وما يقول ، ثم أقبل عليه بالسؤال ، ثم قال له : في أي يوم خرجتم من منازلكم وأبوهذا الفتى معكم؟ فقال الرجل : في يوم كذا وكذا ، فقال : وفي أي شهر؟ قال : في شهر كذا وكذا ، (١) قال : وإلى أين بلغتم من سفركم حين مات أبوهذا الفتى؟ قال : إلى موضع كذا وكذا ، قال : وفي أي منزل مات؟ قال : في منزل فلان ابن فلان ، قال : وما كان من مرضه؟ (٢) قال : كذا وكذا ، قال : كم يوما مرض؟ قال : كذا وكذا يوما ، قال : فمن كان يمرضه؟ وفي أي يوم مات؟ ومن غسله؟ و أين غسله؟ ومن كفنه؟ وبما كفنتموه؟ ومن صلى عليه؟ ومن نزل قبره؟ فلما سأله عن جميع ما يريد كبر علي عليهالسلام وكبر الناس معه ، فارتاب أولئك الباقون ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه ، فأمر أن يغطى رأسه وأن ينطلقوا به إلى الحبس ، ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ، ثم قال : كلا ، زعمت أني لا أعلم ما صنعتم؟ فقال : يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد من القوم ، ولقد كنت كارها لقتله ، فأقر ، ثم دعا بواحد بعد واحد وكلهم يقر بالقتل وأخذ المال ، ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن فأقر أيضا فألزمهم المال والدم.
وقال شريح : يا أمير المؤمنين وكيف كان حكم داود عليهالسلام؟ فقال : إن داود النبي عليهالسلام مر بغلمة يلعبون وينادون بعضهم : مات الدين ، فدعا منهم غلاما فقال له : يا غلام ما اسمك؟ فقال : اسمي مات الدين ، فقال له داود : من سماك بهذا الاسم؟ قال : أمي ،
__________________
(١) في التهذيب زيادة وهي : فقال : في أي سنة؟ قال : في سنة كذا وكذا.
(٢) في التهذيب : وما كان مرضه؟