قائمة الکتاب
باب 15 قصص زكريا ويحيى عليهما السلام ، وفيه 42 حديثا
١٦٣
إعدادات
بحار الأنوار [ ج ١٤ ]
بحار الأنوار [ ج ١٤ ]
الاجزاء
تحمیل
فقالت : أتأذن لي يابني أن أتخذ لك قطعتي لبود تواريان أضراسك وتنشفان دموعك؟ فقال لها : شأنك ، فاتخذت له قطعتي لبود تواريان أضراسه وتنشفان دموعه حتى ابتلتا من دموع عينيه (١) فحسر عن ذراعيه ، ثم أخذهما فعصرهما فتحدر الدموع من بين أصابعه ، فنظر زكريا عليهالسلام إلى ابنه وإلى دموع عينيه فرفع رأسه إلى السماء فقال : اللهم إن هذا ابني وهذه دموع عينيه وأنت أرحم الراحمين.
وكان زكريا (ع) إذا أراد أن يعظ بني إسرائيل يلتفت يمينا وشمالا فإن رأى يحيى عليهالسلام لم يذكر جنة ولا نارا ، فجلس ذات يوم يعظ بني إسرائيل وأقبل يحيى قد لف رأسه بعباءة فجلس في غمار الناس (٢) والتفت زكريا عليهالسلام يمينا وشمالا فلم ير يحيى فأنشأ يقول : حدثني حبيبي جبرئيل عليهالسلام عن الله تبارك وتعالى أن في جهنم جبلا يقال له السكران ، في أصل ذلك الجبل واد يقال له الغضبان لغضب الرحمن تبارك وتعالى ، في ذلك الوادي جب قامته مائة عام ، في ذلك الجب توابيت من نار ، في تلك التوابيت صناديق من نار ، وثياب من نار ، وسلاسل من نار ، وأغلال من نار ، فرفع يحيى عليهالسلام رأسه فقال : واغفلتاه من السكران ، ثم أقبل هائما على وجهه ، (٣) فقام زكريا (ع) من مجلسه فدخل على أم يحيى فقال لها : يا أم يحيى قومي فاطلبي يحيى فإني قد تخوفت أن لانراه إلا وقد ذاق الموت ، فقامت فخرجت في طلبه حتى مرت بفتيان من بني إسرائيل فقالوا لها : يا أم يحيى أين تريدين؟ قالت : أريد أن أطلب ولدي يحيى ، ذكرت النار بين يديه فهام على وجهه ، فمضت أم يحيى والفتية معها حتى مرت براعي غنم فقالت له : يا راعي هل رأيت شابا من صفته كذا وكذا؟ فقال لها : لعلك تطلبين يحيى بن زكريا؟ قالت : نعم ذاك ولدي ، ذكرت النار بين يديه فهام على وجهه ، قال : إني تركته الساعة على عقبة ثنية كذا وكذا ، ناقعا قدميه (٤) في الماء ، رافعا بصره إلى السماء يقول : « وعزتك مولاي لاذقت بارد الشراب
__________________
(١) هكذا في النسخ ، وفي المصدر : فبكى حتى ابتلتا من دموع عينيه.
(٢) اي في جماعتهم ولفيفهم.
(٣) هام على وجهه : ذهب لايدري أين يتوجه.
(٤) من نقع الدواء في الماء : اقره فيه.