« وسيدا » في العلم والعبادة ، وقيل : في الحلم والتقوى (١) وحسن الخلق ، وقيل : كريما على ربه ، وقيل : فقيها عالما ، وقيل : مطيعا لربه ، وقيل : مطاعا ، وقيل : سيدا للمؤمنين بالرئاسة عليهم ، والجميع يرجع إلى أصل واحد « وحصورا » وهو الذي لايأتي النساء ، عن ابن عباس و ابن مسعود والحسن وقتادة وهو المروي عن أبي جعفر عليهالسلام ، (٢) ومعناه أنه يحصر نفسه عن الشهوات أي يمنعها ، وقيل : الحصور إنه لايدخل (٣) في اللعب والاباطيل ، عن المبرد وقيل : العنين ، وهذا لا يجوز على الانبياء لانه عيب وذم ، ولان الكلام خرج مخرج المدح « ونبيا من الصالحين » أي رسولا شريفا رفيع المنزلة من جملة الانبياء « قال رب أنى يكون » أي من أين يكون؟ وقيل : كيف يكون « لي غلام (٤) وقد بلغني الكبر » أي أصابني الشيب ونالني الهرم ، قال ابن عباس : كان يومئذ ابن عشرين ومائة سنة ، و كانت امرأته بنت ثمان وتسعين سنة « وامرأتي عاقر » أي عقيم لا تلد ، فإن قيل : لم راجع زكريا هذه المراجعة وقد بشره الله بأن يهب له ذرية طيبة؟ قيل : إنما قال ذلك على سبيل التعرف عن كيفية حصول الولد ، أيعطيهما وهما على ماكانا عليه من الشيب أم يصرفهما إلى حال الشباب ثم يرزقهما الولد؟ ويحتمل أن يكون اشتبه الامر عليه أن يعطيه الولد من امرأته العجوز أم من امرأة أخرى شابة ، فقال تعالى : « كذلك » وتقديره كذلك الامر الذي أنتما عليه وعلى تلك الحال « الله يفعل مايشاء » معناه : يرزقك الله الولد منها فإنه هين عليه ، وقيل فيه وجه آخر وهو أنه إنما قال ذلك على سبيل الاستعظام لمقدور الله تعالى والتعجب الذي يحصل للانسان عند ظهور آية عظيمة ، كمن يقول لغيره : كيف سمحت نفسك لاخراج ذلك المال النفيس من يدك؟ تعجبا من جوده ، وقيل : إنه قال ذلك على وجه التعجب من أنه كيف أجابه الله إلى مراده فيما دعا وكيف استحق لذلك ، (٥)
__________________
(١) في المصدر : في العلم والتقى.
(٢) في المصدر : عن أبي عبدالله عليهالسلام.
(٣) في المصدر : الحصور : الذي لايدخل في اللعب.
(٤) في المصدر : اي ولد.
(٥) في المصدر وكيف استحق ذلك.