فأحرك الجرس فيما بينهم فإذا سمعوه استخفهم (١) الطرب ، فمن بين من يرقص ومن بين من يفرقع أصابعه ، ومن بين من يشق ثيابه ، فقال له : وأي الاشياء أقر لعينك؟ قال النساء هن فخوخي ومصائدي ، فإني إذا اجتمعت علي دعوات الصالحين ولعناتهم صرت إلى النساء فطابت نفسي بهن ، فقال له يحيى عليهالسلام : فما هذه البيضة التي على رأسك؟ قال : بها أتوقى دعوة المؤمنين ، قال : فما هذه الحديدة التي أرى فيها؟ قال : بهذه أقلب قلوب الصالحين.
قال يحيى (ع) : فهل ظفرت بي ساعة قط؟ قال : لا ، ولكن فيك خصلة تعجبني قال يحيى : فما هي؟ قال : أنت رجل أكول ، فإذا أفطرت أكلت وبشمت فيمنعك ذلك من بعض صلاتك وقيامك بالليل ، قال يحيى عليهالسلام : فإني أعطي الله عهدا ألا أشبع (٢) من الطعام حتى ألقاه ، قال له إبليس : وأنا أعطي الله عهدا أني لا أنصح مسلما حتى ألقاه ثم خرج فما عاد إليه بعد ذلك. (٣)
بيان : الخوخة : كوة تؤدي الضوء إلى البيت. والعراقيب جمع العرقوب وهو عصب غليظ فوق عقب الانسان. وقال الفيروزآبادي : المعازف : الملاهي كالعود والطنبور ، والواحد عزف أو معزف كمنبر ومكنسة. وقال : البشم محركة : التخمة والسأمة ، بشم كفرح.
١٣ ـ فس : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : « ذكر رحمة ربك عبده زكريا » يقول : ذكر ربك زكريا فرحمه « إذ نادى ربه نداء خفيا * قال رب إني وهن العظم مني » يقول : ضعف « ولم أكن بدعائك رب شقيا » يقول : لم يكن دعائي خائبا عندك « وإني خفت الموالي من ورائي » يقول : خفت الورثة من بعدي « وكانت امرأتي عاقرا » ولم يكن لزكريا يومئذ ولد يقوم مقامه ويرثه ، وكانت هدايا بني إسرائيل و نذورهم للاحبار ، وكان زكريا رئيس الاحبار ، وكانت امرأة زكريا أخت مريم بنت
__________________
(١) اي اطربهم.
(٢) في المصدر : اني لا اشبع.
(٣) امالي ابن الطوسي : ٢١٦ ٢١٧.