إن أمير المؤمنين (ع) لما رجع من وقعة الخوارج اجتاز بالزوراء ، (١) فقال للناس : إنها الزوراء فسيروا وجنبوا عنها ، فإن الخسف أسرع إليها من الوتد في النخالة ، فلما أتى يمنة (٢) السواد إذا هو براهب في صومعة له ، فقال له الراهب : لا تنزل هذه الارض بجيشك قال : ولم؟ قال : لانها لاينزلها إلا نبي أو وصي نبي يقاتل (٣) في سبيل الله عزوجل هكذا نجد في كتبنا ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : أنا وصي سيد الانبياء ، وسيد الاوصياء فقال له الراهب : فأنت إذن أصلع قريش ، ووصي محمد ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : أنا ذلك ، فنزل الراهب إليه فقال : خذ علي شرائع الاسلام ، إني وجدت في الانجيل نعتك وأنك تنزل أرض براثا (٤) بيت مريم وأرض عيسى (ع) ، (٥) فأتى أمير المؤمنين (ع) موضعا
__________________
(١) قال ياقوت في المعجم : زوراء : دجلة بغداد ، وارض بذي خيم ، وحكى عن الازهري أن مدينة الزوراء ببغداد في الجانب الشرقي ، وعن غيره أنها مدينة ابي جعفر المنصور وهي في الجانب الغربي. ودار بناها النعمان بن منذر بالحيرة.
وقال : زوراء : فلج ، وفلج مابين الرحيل إلى المجازة وهي أول الدهناء. قلت : الظاهر أن المراد ههنا هو بغداد.
(٢) في المصدر : فلما أتى موضعا من أرضها قال : ما هذه الارض؟ قيل : أرض بحرا ، فقال : ارض سباخ جنبوا ويمنوا ، فلما أتى يمنة السواد وإذا هو براهب في صومعة له ، فقال له : ياراهب انزل ههنا ، فقال له الراهب : لاتنزل اه.
(٣) في المصدر : بجيشه يقاتل.
(٤) قال ياقوت : براثا محلة كانت في طرف بغداد في قبلة الكرخ وجنوبي باب محول ، و كان لها جامع مفرد تصلى فيه الشيعة وقد خرب عن آخره ، وكذلك المحلة لم يبق لها أثر ، فاما الجامع فأدركت أنا بقايا من حيطانه وقد خربت في عصرنا واستعملت في الابنية ، وفي سنة ٣٢٩ فرغ من جامع براثا واقيمت فيه الخطبة ، وكان قبل مسجدا يجتمع فيه قوم من الشيعة يسبون الصحابة فكبسه الراضي بالله وأخذ من وجده فيه وحبسهم وهدمه حتى سوى به الارض ، وأنهى الشيعة خبره إلى بجكم الماكاني أمير الامراء ببغداد فأمر باعادة بنائه وتوسيعه واحكامه ، وكانت براثا قبل بناء بغداد قرية يزعمون أن عليا عليهالسلام مر بها لما خرج لقتال الحرورية بالنهروان وصلى في موضع من الجامع المذكور ، وذكر أنه دخل حماما كان في هذه القرية ، وقيل : بل الحمام كان بالعتيقة محلة ببغداد خربت أيضا.
(٥) في المصدر ههنا زيادة وهي هذه : فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : قف ولا تخبرنا بشئ. ثم أتى موضعا فقال : الكزوا هذه فألكزه برجله عليهالسلام إه. قلت : لكزه : ضربه.