ياعيسى لا تشرك بي شيئا ، وكن مني على حذر ، ولا تغتر بالصحة ولا تغبط نفسك فإن الدنيا كفئ زائل ، وما أقبل منها كما أدبر ، فنافس في الصالحات جهدك ، وكن مع الحق حيثما كان ، وإن قطعت وأحرقت بالنار فلا تكفر بي بعد المعرفة ، ولا تكن مع الجاهلين [ كا : فإن الشي ء يكون مع الشئ ] كا ، لي : ياعيسى صب [ كا ، إلي ] كا ، لي : الدموع من عينيك ، واخشع لي بقلبك. ياعيسى استغفرني (١) في حالات الشدة فإني أغيث المكروبين ، وأجيب المضطرين ، وأنا أرحم الراحمين. (٢)
بيان : قال الجزري : قد تكرر فيه ذكر المسيح عليهالسلام فسمي به لانه كان لايمسح بيده ذا عاهة إلا برئ ، وقيل : لانه كان أمسح الرجل لا أخمص له ، وقيل : لانه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن ، وقيل : لانه كان يمسح الارض أي يقطعها ، وقيل : المسيح الصديق ، وقيل : هو بالعبرانية مشيحا فعربت.
قوله تعالى : ( وصية المتحنن ) أي أوصيك وقد أحسنت إليك برحمتي وربيتك في درجات الكمال بلطفي حين حقت ، وفي الكافي : حتى حقت ، أي ثبتت ووجبت لك ولايتي ومحبتي بسبب أنك تطلب مسرتي ولا تفعل إلا ما يوجب رضاي.
قوله : ( فبوركت ) البركة : النمو والزيادة ، أي زيد في علمك وقربك وكمالك في صغرك وكبرك ، أو جعلتك ذا بركة في اليد واللسان بإحياء الموتى وإبراء ذوي العاهات وتكثير القليل من الطعام والشراب. قوله : ( كهمك ) أي اجعلني واتخذني قريبا منك كقرب همك وما يخطر ببالك منك ، أو اهتم بأوامري كما تهتم بأمور نفسك. قوله : ( ولا تول غيري ) أي لاتتخذ غيري ولي أمرك ، أو لاتجعل حبك لغيري. قوله : ( واحكم ) أي اقض بين الناس بما علمتك من لطائف الحكمة. قوله : ( نافس ) المنافسة : الرغبة في الشئ والانفراد به. قوله : ( بنصحي ) أي بما علمتك للحكم بينهم لنصحي لهم ، أو كما أني لك ناصح فكن أنت ناصحا لهم.
وقال الفيروزآبادي : البتول : المنقطعة عن الرجال ، ومريم العذراء ، وفاطمة بنت
__________________
(١) في الكافي والتحف : استغث بي.
(٢) روضة الكافي : ١٣١ ١٤١ ، الامالي : ٣٠٨ ٣١٢.