بحق أقول لكم : ماذا يغني عن الجسد إذا كان ظاهره صحيحا وباطنه فاسدا؟ وما يغني (١) عنكم أجسادكم إذا أعجبتكم وقد فسدت قلوبكم؟ وما يغني عنكم أن تنقوا جلودكم وقلوبكم دنسة.
بحق أقول لكم : لا تكونوا كالمنخل يخرج الدقيق الطيب ويمسك النخالة ، كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغل في صدوركم.
بحق أقول لكم : ابدؤوا بالشر فاتركوه ، ثم اطلبوا الخير ينفعكم ، فإنكم إذا جمعتم الخير مع الشر لم ينفعكم الخير.
بحق أقول لكم : إن الذي يخوض النهر لابد أن يصيب ثوبه الماء وإن جهد أن لا يصيبه ، كذلك من يحب الدنيا لاينجو من الخطايا.
بحق أقول لكم : طوبى للذين يتهجدون من الليل ، أولئك الذين يرثون النور الدائم من أجل أنهم قاموا في ظلمة الليل على أرجلهم في مساجدهم يتضرعون إلى ربهم رجاء أن ينجيهم في الشدة غدا.
بحق أقول لكم : إن الدنيا خلقت مزرعة ، يزرع (٢) فيها العباد الحلو والمر والشر
__________________
أن النفس بالنفس والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص » وكذا لايصح قول من ادعى أن ذلك منسوخ في شريعتنا ، حيث إن الاداب الحسنة لاتنسخ أبدا ، وذلك مما لاريب فيه. والعجب من امة يدعون أنهم من امة عيسى عليهالسلام ويسمون أنفسهم بالمسيحيين كيف لم يؤثر فيهم واحد من هذه الاداب الخلقية؟ بل أدبوا أنفسهم بنقيضها ، أترونهم إذا اخذ قميص أحدهم يعطى رداءه أيضا؟! وإذا لطم خده يمكن خده الاخر؟! أو سخر ميلا يذهب ميلا اخر؟! أم ترونهم على خلاف ذلك؟ أليسوا هم الذين أخذوا رداء العز والسيادة والقادة من الامم ، وألبسوهم مكانه لباس الذل والقيادة؟ أليسوا سودوا وجوه العالمين بلطام الظلم والاستبداد؟ أليسوا قد سخروا العباد ، وخربوا البلاد ، وأشاعوا قوانين الظلم والفساد ، وروجوا دساتير الفحشاء والمنكرات ، وهددوا عائلة البشرية كل آن بالسلح النارية المهلكة؟! أعاذنا الله وجميع الامم من شرورهم.
(١) في المصدر : وماتغنى.
(٢) في المصدر : تزرع.