ستون سنة عند اليهود والنصارى ، ويذكرون أن ذلك في كتبهم وأسفارهم ، ويوافقهم المجوس في مدة غز وبخت نصر بني إسرائيل إلى موت الاسكندر ، ويخالفهم في مدة مابين موت الاسكندر ومولد يحيى فيزعمون أن مدة ذلك إحدى وخمسون سنة. انتهى. (١)
أقول : ستعرف أن أخبارنا أيضا مختلفة في ذلك ، لانه يظهر من خبر ابن عمارة وخبر ملاقاة داود دانيال وغيرهما كون بخت نصر متصلا بزمان سليمان عليهالسلام ، ويظهر من خبر هارون بن خارجة وأبي بصير وغيرهما كون خروج بخت نصر بعد قتل يحيى عليهالسلام ولايبعد كون بخت نصر معمرا (٢) وكذا دانيال فيكونا قد أدركا الوقتين معا ، ويمكن أن يكون إحداهما محمولة على التقية ، والاخبار الدالة على كون خروجه بعد قتل يحيى عليهالسلام أقوى سندا وقد سبق بعضها في قصة يحيى والله يعلم.
__________________
(١) الكامل ١ : ١٠٤. قلت : ذكر ذلك أيضا الثعلبي في العرائس ثم قال : وإنما الصحيح في ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق بن يسار قال : عمرت بنو اسرائيل بيت المقدس بعد ما عمرت الشام : وعاد اليها ملكها بعد خراب بخت نصر اياها وسبيهم منها ، فجعلوا يحدثون الاحداث بعد مهلك عزير عليهالسلام ، فبعث الله فيهم الانبياء ، ففريقا يكذبون وفريقا يقتلون ، حتى كان آخر من بعث إليهم من انبيائهم زكريا ويحيى وعيسى عليهمالسلام وكانوا من آل داود عليهالسلام ، فمات زكريا وقتل يحيى فلما رفع عيسى من بين ظهورهم وقتلوا يحيى عليهالسلام بعث الله عليهم ملكا من ملوك بابل يقال له كردوس ، فسار إليهم بأهل بابل حتى دخل عليهم الشام ، فلما دخل عليهم أمر رئيسا من رؤوس جنوده يقال له بنوا رازادان صاحب القتل ، فقال له : إني حلفت بالههم لئن ظهرت وظفرت على أهل بيت المقدس لاقتلنهم حتى تسيل دماؤهم في وسط عسكري ، فامره أن يقتلهم ، ثم ان بنوارازادان دخل بيت المقدس فاقام في البقعة التي كانوا يقربون فيها قربانهم فوجد فيها دما يغلي ، فسألهم عنه فقالوا : هذا دم قربان قربناه فلم يقبل منا ، فقال : ماصدقتموني. الخبر اه ثم ذكر نحو ما تقدم في قصة بخت نصر. ويظهر من المسعودي في اثبات الوصية أن الذي قتل الناس لقتلهم يحيى عليهالسلام هو بخت نصر بن ملت نصر بن بخت نصر الاكبر ، وبذلك يرتفع الاشكال بحذافيره.
(٢) وربما يؤيد ذلك ما ذكره الثعلبي في العرائس من أن عمر بخت نصر كان أيام مسخه نيفا وخمسمائة عام وخمسين يوما ، فتامل.