كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه » أي أحياه ، فما رحم الله بني إسرائيل وأهلك بخت نصر رد بني إسرائيل إلى الدنيا وكان عزير لما سلط الله بخت نصر على بني إسرائيل هرب ودخل في عين وغاب فيها وبقي أرميا ميتا مائة سنة ، ثم أحياه الله فأول ما أحيا منه عينيه (١) في مثل غرقئ البيض ، فنظر فأوحى الله تعالى إليه : « كم لبثت قال لبثت يوما » ثم نظر إلى الشمس وقد ارتفعت فقال : « أو بعض يوم » فقال الله تبارك وتعالى : « بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه » أي لم يتغير « وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما » فجعل ينظر إلى العظام البالية المنفطرة تجتمع إليه ، وإلى اللحم الذي قد أكلته السباع يتألف إلى العظام من ههنا وههنا ويلتزق بها حتى قام وقام حماره فقال : « أعلم أن الله على كل شئ قدير » (٢)
بيان : قوله : ( فأخلف ) أي فسد ، من قولهم : أخلف الطعام : إذا تغير طعمه و رائحته ، وأخلف فلان أي فسد ، أو لم يأت بما هو عادته ، من قولهم : أخلف الوعد ، أو من قولهم : أخلفت النجوم : أمحلت فلم يكن فيها مطر ، ويحتمل أن يكون المراد تغير أهل القرية وفسادهم. والكسر : كعنب جمع الكسرة أي الخبز المتكسر اليابس. قوله : ( فتاه ) أي تكبر أو تحير. والنشاب : النبل. واللبوة : الانثى من الاسد.
قوله : ( وكان عزير ) هذا إنكار لما ذكره الاكثر من أن القائل كان عزيرا. و الغرقئ كزبرج : القشرة الملتزقة ببياض البيض ، أو البياض الذي يؤكل.
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : « أو كالذي مر على قرية » : وهو عزير ، عن قتادة وعكرمة والسدي وهو المروي عن أبي عبدالله (ع) ، وقيل : هو أرميا ، عن وهب ، وهو المروي عن أبي جعفر (ع) ، (٣) وقيل : هو الخضر (٤) عن ابن إسحاق ، والقرية التي
__________________
(١) في المصدر : عيناه ، وهو الصحيح.
(٢) تفسير القمي : ٧٧ ٨٠.
(٣) وعن أبي عبدالله عليهالسلام كما سيأتي في الاخبار.
(٤) ذكر الثعلبي أن أرميا هو الخضر.