بتنا بأفضل ليلة منذ خلقنا ، فألحقهم بدانيال وأكرمهم بكرامته حتى مرت بهم ثلاثون سنة. (١)
٨ ـ ص : بالاسناد المتقدم عن وهب قال : ثم إن بخت نصر رأى رؤيا أهول من الرؤيا الاولى ونسيها أيضا ، فدعا علماء قومه قال : رأيت رؤيا أخشى أن يكون فيها هلاككم وهلاكي فما تأويلها؟ فعجزوا وجعلوا علة عجزهم دانيال ، فأخرجهم ودعا دانيال عليهالسلام فسأله فقال : رأيت شجرة عظيمة شديدة الخضرة ، فرعها في السماء ، عليها طير السماء ، وفي ظلها وحوش الارض وسباعها ، فبينما أنت تنظر إليها قد أعجبتك بهجتها إذ أقبل ملك يحمل حديدة كالفأس على عنقه وصرخ بملك آخر في باب من أبواب السماء يقول له : كيف أمرك الله أن تفعل بالشجرة؟ أمرك أن تجتثها من أصلها أم أمرك أن تأخذ بعضها؟ فناداه الملك الاعلى : إن الله تعالى يقول : خذ منها وأبق ، فنظرت إلى الملك حتى ضرب رأسها بفأسه فانقطع وتفرق ما كان عليها من الطير ، وما كان تحتها من السباع والوحوش ، وبقي الجذع لا هيئة له ولا حسن ، فقال بخت نصر : فهذه الرؤيا رأيتها فما تأويلها؟ قال : أنت الشجرة وما رأيت في رأسها من الطيور فولدك وأهلك ، وأما مارأيت في ظلها من السباع والوحوش فخولك ورعيتك ، وكنت قد أغضبت الله فيما تابعت قومك من عمل الصنم ، فقال بخت نصر : كيف يفعل ربك بي؟ قال : يبتليك ببدنك فيمسخك سبع سنين فإذا مضت رجعت إنسانا كما كنت أول مرة ، فقعد بخت نصر يبكي سبعة أيام ، فلما فرغ من البكاء ظهر فوق بيته فمسخه الله عقابا فطار ، وكان دانيال (ع) يأمر ولده وأهل مملكته أن لا يغيروا من أمره شيئا حتى يرجع إليهم ، ثم مسخه الله في آخر عمره بعوضة فأقبل يطير حتى دخل بيته فحوله الله إنسانا فاغتسل بالماء ولبس المسوح ثم أمر بالناس فجمعوا فقال : إني وإياكم كنا نعبد من دون الله ما لاينفعنا ولايضرنا ، وإنه قد تبين لي من قدرة الله تعالى جل وعلا في نفسي أنه لا إله إلا الله إله بني إسرائيل ، فمن تبعني فإنه مني وأنا وهو في الحق سواء ، ومن خالفني ضربته بسيفي حتى يحكم الله بيني و بينكم ، وإني قد أجلتكم إلى الليلة فإذا أصبحتم فأجيبوني ، ثم انصرف ودخل بيته و
__________________
(١) قصص الانبياء مخطوط.