وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (ع) في قوله : « وذا النون إذ ذهب مغاضبا » يقول : من أعمال قومه « فظن أن لن نقدر عليه » يقول : ظن أن لن يعاقب بما صنع. (١)
بيان : قوله تعالى : « فلولا كانت قرية » قال الطبرسي رحمه الله : قيل : إن معناه فهلا كان أهل قرية آمنوا في وقت ينفعهم إيمانهم ، أعلم الله سبحانه أن الايمان لا ينفع عند وقوع العذاب ، ولا عند حضور الموت الذي لايشك فيه ، لكن قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم العذاب ، عن الزجاج ، قال : وقوم يونس لم يقع بهم العذاب إنما رأوا الآية التي تدل على العذاب ، فمثلهم مثل العليل الذي يرجو العافية ويخاف الموت ، (٢) و قيل : إن معناه : فما كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها ، يريد بذلك : لم يكن هذا معروفا لامة من الامم كفرت ثم آمنت عند نزول العذاب وكشف عنهم ، أي لم أفعل هذا بأمة قط إلا قوم يونس لما آمنوا عند نزول العذاب كشفت عنهم العذاب (٣) بعد ما تدلى عليهم ، عن قتادة وابن عباس ، وقيل : إنه أراد بقوله : « فلولا كانت قرية آمنت » قوم ثمود فإنه قد جاءهم العذاب يوما فيوما كما جاء قوم يونس إلا أن قوم يونس استدركوا ذلك بالتوبة وأولئك لم يستدركوا ، فوصف أهل القرية بأنهم سوى قوم يونس ليعرفهم به بعض التعريف ، إذ كان أخبر عنهم على سبيل الاخبار عن النكرة ، عن الجبائي ، وهذا إنما يصح إذا كان « إلا قوم يونس » مرفوعا. انتهى. (٤)
قوله : ( أنزله على أشد الامرين ) ظاهره أن المراد أن الله تعالى لما كلفه أمرا شديدا وهو الصبر على وقوع خلاف ما أخبر به ظن به تعالى ظنا شديدا لا يليق به ، أو المعنى أنه لما وكله الله إلى نفسه وهو أشد الامور ظن بالله أشد الظن بفرط الرجاء حيث غفل عن عقابه تعالى ، وسيأتي بسط القول في تأويل الآية.
٣ ـ ع : الدقاق ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن علي بن سالم ،
__________________
(١) تفسير القمي : ٤٣٢.
(٢) هكذا في النسخ وفيه سقط واضح ، والصحيح كما في المصدر : مثل العليل الذي يتوب في مرضه وهو يرجو العافية ويخاف الموت.
(٣) في المصدر : كشف عنهم العذاب.
(٤) مجمع البيان ٥ : ١٣٤ و ١٣٥.