فلقها (١) وذر عليها ملحا ، ووضع إلى جنبه مطهرة ملا ماء ، وجلس على ركبتيه وأخذ لقمة فلما رفعها إلى فيه قال : بسم الله ، فلما ازدردها (٢) قال : الحمد لله ، ثم فعل ذلك بأخرى وأخرى ، ثم أخذ الماء فشرب منه فذكر اسم الله ، فلما وضعه قال : الحمد لله ، يارب من ذا الذي أنعمت عليه وأوليته مثل ما أوليتني؟ قد صححت بصري وسمعي وبدني وقويتني حتى ذهبت إلى الشجر لم أغرسه (٣) ولم أهتم لحفظه جعلته لي رزقا ، وسقت إلي من اشتراه مني فاشتريت بثمنه طعاما لم أزرعه ، وسخرت لي النار فأنضجته ، و جعلتني آكله بشهوة أقوى به على طاعتك فلك الحمد ، قال : ثم بكى ، قال داود : يابني قم فانصرف بنا فإني لم أر عبدا قط أشكر لله من هذا. (٤)
بيان : قال الجزري : النقير : أصل النخلة ينقر وسطه ثم ينبذ فيه التمر ويلقى عليه الماء ليصير نبيذا.
١٧ ـ فس : « وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق » يعني هرب « إلى الفلك المشحون فساهم » أي ألقى السهام « فكان من المدحضين » أي من المغوصين « فالتقمه الحوت وهو مليم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين » قال : الدباء. (٥)
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : « إذ أبق إلى الفلك المشحون » أي فر من قومه إلى السفينة المملوءة من الناس والاحمال خوفا من أن ينزل العذاب وهو مقيم فيهم « فساهم » يونس القوم بأن ألقوا السهام على سبيل القرعة ، أي قارعهم « فكان من المدحضين » أي من المقروعين ، عن الحسن وابن عباس ، وقيل : من المسهومين ، عن مجاهد ، والمراد : من الملقين في البحر ، واختلف في سبب ذلك فقيل : إنهم أشرفوا على الغرق فرأوا أنهم إن طرحوا
__________________
(١) في المصدر : فلفها.
(٢) أي بلعها.
(٣) في المصدر : حتى ذهبت إلى شجر لم أغرسه.
(٤) تنبيه الخواطر ١ : ١٨ و ١٩.
(٥) تفسير القمي : ٥٦٠. قلت : الدباء بالضم وتشديد الباء والمد وقيل : يجوز القصر : القرع ، وقيل : الدباء اعم من القرع لان القرع لا يطلق الا على الرطب. وقيل : الدباء هو اليابس منه.