ذلك لم يقتله فأوقد عليه النار حتى مات وأمر برماده فذر في الرياح ، فأمر الله تعالى رياح الارضين في الليلة فجمعت رماده في مكان ، فأمر ميكائيل فنادى جرجيس فقام حيا سويا بإذن الله ، فانطلق جرجيس إلى الملك وهو في أصحابه ، فقام رجل وقال : إن تحتنا أربعة عشر منبرا ومائدة بين أيدينا وهي من عيدان شتى ، منها مايثمر ومنها ما لايثمر ، فسل ربك أن يلبس كل شجرة منها لحاها ، وينبت فيها ورقها وثمرها ، فإن فعل ذلك فإني أصدقك ، فوضع جرجيس ركبتيه على الارض ودعا ربه تعالى عظم شأنه فما برح مكانه حتى أثمر كل عود فيها ثمرة ، فأمر به الملك فمد بين الخشبتين ووضع المنشار على رأسه فنشر حتى سقط المنشار من تحت رجليه ثم أمر بقدر عظيمة فألقي فيها زفت وكبريت ورصاص وألقي فيها جسد جرجيس فطبخ حتى اختلط ذلك كله جميعا ، فأظلمت الارض لذلك ، و بعث الله إسرافيل فصاح صيحة خر منها الناس لوجوههم ، ثم قلب إسرافيل القدر فقال : قم يا جرجيس بإذن الله ، فقام حيا سويا بقدرة الله ، وانطلق جرجيس إلى الملك ، ولما رأى الناس عجبوا منه فجاءته امرأة وقالت : أيها العبد الصالح كان لنا ثور نعيش به فمات ، فقال لها جرجيس : خذي عصاي هذه فضعيها على ثورك وقولي : إن جرجيس يقول : قم بإذن الله ، ففعلت فقام حيا فآمنت بالله. فقال الملك : إن تركت هذا الساحر أهلك قومي فاجتمعوا كلهم أن يقتلوه ، فأمر به أن يخرج ويقتل بالسيف ، فقال جرجيس عليهالسلام لما أخرج : لا تعجلوا علي ، فقال : اللهم إن أهلكت أنت عبدة الاوثان أسألك أن تجعل اسمي وذكري صبرا لمن يتقرب إليك عند كل هول وبلاء ، ثم ضربوا عنقه فمات ، ثم أسرعوا إلى القرية فهلكوا كلهم. (١)
أقول : هذه القصة مذكورة في التواريخ أطول من ذلك تركنا إيرادها لعدم الاعتماد على سندها. (٢)
__________________
(١) قصص الانبياء مخطوط.
(٢) ذكرها الثعلبي مفصلا في العرائس : ٢٤٣ ٢٤٦ وابن الاثير في الكامل ١ : ٢١٤ ٢٢٩ ، والقصة كما ترى مروية من طرق العامة ، ولم يرد من أئمتنا فيها شئ ، وأمرها موكولة إلى الله انه هو العالم بالصواب.