إلا خلا فيها نذير ، وقد بعث إليهم نبي بكتاب من عند الله فأنكروه وجحدوا كتابه ، قال : ومن هو؟ فإن الناس يزعمون أنه خالد بن سنان ، قال عليهالسلام : إن خالدا كان عربيا بدويا ماكان نبيا ، وإنما ذلك شئ يقوله الناس ، قال : أفزردشت؟ قال : إن زردشت أتاهم بزمزمة وادعى النبوة ، فآمن منهم قوم ، وجحده قوم فأخرجوه ، فأكلته السباع في برية من الارض ، قال : فأخبرني عن المجوس كانوا أقرب إلى الصواب في دهرهم أم العرب؟ قال : العرب في الجاهلية كانت أقرب إلى الدين الحنيفي من المجوس ، وذلك أن المجوس كفرت بكل الانبياء ، وجحدت كتبها ، وأنكرت براهينها ، ولم تأخذ بشئ من سننها وآثارها (١) وأن كيخسرو ملك المجوس في الدهر الاول قتل ثلاث مائة نبي ، وكانت المجوس لاتغتسل من الجنابة ، والعرب كانت تغتسل ، والاغتسال من خالص شرائع الحنيفية ، وكانت المجوس لاتختتن وهو من سنن الانبياء ، وأن أول من فعل ذلك إبراهيم خليل الله ، وكانت المجوس لاتغسل موتاها ولاتكفنها ، وكانت العرب تفعل ذلك ، وكانت المجوس ترمي الموتى في الصحارى والنواويس ، (٢) والعرب تواريها في قبورها وتلحد لها ، وكذلك السنة على الرسل ، إن أول من حفر له قبر آدم أبوالبشر وألحد له لحد ، وكانت المجوس تأتي الامهات و تنكح البنات والاخوات ، وحرمت ذلك العرب ، وأنكرت المجوس بيت الله الحرام وسمته بيت الشيطان ، والعرب كانت تحجه وتعظمه ، وتقول : بيت ربنا ، وتقر بالتوراة و الانجيل ، وتسأل أهل الكتاب (٣) وتأخذ ، وكانت العرب في كل الاسباب أقرب إلى الدين الحنيف (٤) من المجوس ، قال : فإنهم احتجوا بإتيان الاخوات أنها سنة من آدم ، قال : فما حجتهم في إتيان البنات والامهات وقد حرم ذلك آدم وكذلك نوح و إبراهيم وموسى وعيسى وسائر الانبياء عليهمالسلام. (٥)
__________________
(١) في المصدر : وجحدت كتبهم وأنكرت براهينهم ولم تأخذ بشئ من سننهم وآثارهم.
(٢) جمع الناووس والناؤوس : مقبرة النصارى ، ويطلق على حجر منقور تجعل فيه جثة الميت.
(٣) في المصدر : أهل الكتب.
(٤) في المصدر : الدين الحنيفية. وفي كتاب الاحتجاجات : الدين الحنيفي.
(٥) احتجاج الطبرسي : ١٨٩ ، والحديث طويل أخرجه المصنف في كتاب الاحتجاجات راجع ج ١٠ : ١٦٥ ١٩٢ وتقدم هناك شرح بعض ألفاظه الغريبة.