حدثا (١) وفينا من هو أكبر منه؟ فدعا أسباط بني إسرائيل فقال لهم : قد بلغتني مقالتكم فأروني عصيكم ، فأي عصا أثمرت فصاحبها ولي الامر بعدي ، فقالوا : رضينا ، وقال : ليكتب كل واحد منكم اسمه على عصاه ، فكتبوا ثم جاء سليمان بعصاه فكتب عليها اسمه ثم أدخلت بيتا وأغلق الباب وحرسه رؤوس أسباط بني إسرائيل ، فلما أصبح صلى بهم الغداة ثم أقبل ففتح الباب فأخرج عصيهم وقد أورقت عصا سليمان وقد أثمرت ، فسلموا ذلك لداود فاختبره بحضرة بني إسرائيل فقال له : يا بني أي شئ أبرد؟ قال : عفو الله عن الناس ، وعفو الناس بعضهم عن بعض ، قال : يا بني فأي شئ أحلى؟ قال : المحبة وهي روح الله في عباده ، فافتر (٢) داود ضاحكا ، فسار به في بني إسرائيل فقال : هذا خليفتي فيكم من بعدي ، ثم أخفى سليمان بعد ذلك أمره وتزوج بامرأة واستتر من شيعته ماشاء الله أن يستتر ، ثم إن امرأته قالت له ذات يوم : بأبي أنت وأمي ما أكمل خصالك وأطيب ريحك! ولا أعلم لك خصلة أكرهها إلا أنك في مؤونة أبي ، فلو دخلت السوق فتعرضت لرزق الله رجوت أن لايخيبك ، فقال لها سليمان : إني والله ماعملت عملا قط ولا أحسنه ، فدخل السوق فجال يومه ذلك ثم رجع فلم يصب شيئا ، فقال لها : ما أصبت شيئا ، قالت : لا عليك إن لم يكن اليوم كان غدا ، فلما كان من الغد خرج إلى السوق فجال فيه (٣) فلم يقدر على شئ ورجع فأخبرها ، فقالت : يكون غدا إن شاء الله ، فلما كان في اليوم الثالث مضى حتى انتهى إلى ساحل البحر فإذا هو بصياد فقال له : هل لك أن أعينك وتعطينا شيئا؟ قال : نعم ، فأعانه فلما فرغ أعطاه الصياد سمكتين فأخذهما وحمد الله عزوجل ، ثم إنه شق بطن إحداهما فإذا هو بخاتم في بطنها ، فأخذه فصيره في ثوبه (٤) وحمد الله ، وأصلح السمكتين وجاء بهما إلى منزله ، وفرحت امرأته بذلك ، وقالت له : إني أريد أن تدعو أبوي حتى يعلما أنك قد كسبت ، فدعاهما فأكلا معه ، فلما فرغوا قال لهم : هل
__________________
(١) الحدث : الشاب.
(٢) افتر الرجل : ضحك ضحكا حسنا.
(٣) في المصدر : فجال يومه.
(٤) في المصدر : فصره في ثوبه. أي ربطه في ثوبه.