وتطلع كل يوم على البشر طلوع الشمس والقمر لاينتهى أمدها ولاينتفى نورها ولايحدّ سورها ولعل أقرب مثل يضرب للحسين عليهالسلام هو كتاب الله المجيد ، فان هذا الفرقان المحمدي على كثرة تفاسيره وشرح نكاته ودقائقه وغوامض حقائقه واعجازه وبلاغته وباهر فصاحته وبراعته لايزال كنزاً مخفيا ، ولاتزال محاسنه تتجدد واسراره تتجلى ، وفي كل عصر وزمان يظهر للمتأخر من اشاراته ومغازيه ما لم يظهر للمتقدم ، فكأنه يتجدد مع الدهر ويتطور بتطور الزمان.
نعم القرآن كتاب الله الصامت والحسين عليهالسلام كتاب الله الناطق ، القرآن كتاب الله التدويني والحسين « كتاب الله التكوينى » وكل من الكتابين صنع ربوبي وعمل الهي ، نعم كل الكائنات صنع ربوبي ولكن الحسين عليهالسلام والقرآن صنعهما للتحدّي والاعجاز ، وما تحدي الله بصنعه يعجز البشر عن الاحاطة به واستيعاب مزاياه وأسراره وبدائع أحكامه وحكمته.
القرآن يملي على البشر في كل زمان أسرار
الكون وخبايا الطبيعة ودقائق الفطرة ، ونهضة الحسين عليهالسلام في
كل محرم من كل سنة بل في كل سنة تملي على الكائنات عجائب التضحية وغرائب الاقدام والثبات ومقاومة الظلم ومحاربة الظالم ، تلقى على العالم دروس العزّة والاباء والاستهانة بكل عزيز من نفس او مال في سبيل نصرة الحق وقمع الباطل والدفاع عن المبدء والعقيدة ، يلقى على الواعين دروس الاخلاق الفاضلة والانسانية الكاملة ، والسجايا العالية والملكات الزاكية وكل ما جاء به القرآن والسنّة من الخلق العظيم والنهج القويم ، ولكن جاء بها القرآن قولا وطبّقها الحسين عليهالسلام عملا
وأبرزها للناس يوم الطف عيانا ، أتريد أن تتعرف بناحية مما صنع الحسين عليهالسلام يوم
الطف ؟ أنظر الى الكتاب الكريم فان أقصى ما طلبه من العباد في باب الجهاد هو الجهاد بالنفس والمال فقال تعال : جاهَدُوا