الشعير ويلبسون الصوف فليس لأنهم كانوا لا يتمكنون من المآكل الطيّبة والملابس الليّنة ولكنهم كانوا يحتقرون الدنيا ونعيمها الفاني ويقولون عن اهل الدنيا : اولئك قوم عجلت لهم طيباتهم ونحن أخرت طيباتنا ؛ ولاميرالمؤمنين عليهالسلام في نهج البلاغة كلام من العلاء بن عاصم الذي ترك الدنيا ولبس الصوف فقال له : يا عديّ (١) نفسه لقد استهام بك الخبيث ( بمعنى الشيطان ) فقال : يا أميرالمؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك ، قال : ويحك اني لست كأنت ان الله تعالى فرض على ائمة العدل ان يقدروا انفسهم بضعفة الناس كي لايتبيّغ بالفقير فقره ، (٢) وللباقر والصادق عليهما السلام مع سفيان الثوري واصحابه من متقشفة ذلك العصر ومتّصفة تلك الايام حيث كانوا يعترضون على الائمة عليهمالسلام اذا وجدوا عليهم بعض الملابس الفاخرة قائلين : ان جدّكم رسول الله وأميرالمؤمنين صلوات الله عليهما ما كانوا يلبسون هذه الملابس ؟ فيقول لهم الامام : ذاك حيث ان الزمان قلّ اما اذا درت الدنيا أخلافها فأولى الناس بها أولياء الله أو ما هو بهذا المضمون ، وللرضا عليهالسلام كلام عال شريف في هذا الموضوع. ولقد كان لاميرالمؤمنين عليهالسلام في المدينة من الضياع والبساتين والمزارع كعين أبي نيزر والبغيبغة وغيرها ما يدرّ كل سنة بألوف الدنانير ، وقد أوقفها جميعاً في سبيل الله وكان يضرب بالمسحاة بيده في عقار له لاحرصا على الدنيا والاموال ولكن حرصا على الانفاق في سبيل الله والاحسان على الضعفاء من عباد الله (٣) وكانت قنية تلك الاثواب الثمينة تمسّ ورع
__________________
(١) عدي تصغير عدو.
(٢) نهج البلاغة ، ج ١ ، ص ٤٢٣ ، ط مصر ، شرح ابن ابي الحديد ، ج ٣ ، ص ١١١ ، ط مصر.
(٣) قال السيد الاعظم السيد رضي الدين بن طاووس الحسني قدسسره في كتابه القيّم « كشف المحجة » ما هذا لفظه :
واعلم يا ولدي محمّد
... ان جماعة ممن ادركتهم كانوا يعتقدو ان النبي صلىاللهعليهوآله
جدك محمّد واباك عليا